الصداقة من أعظم النعم التي يمنحها الله تعالى لعباده، فهي سند وعون في مسيرة الحياة، والصديق الصالح هو من يعينك على طاعة الله ويأخذ بيدك إلى الخير، ويشاركك أفراحك ويواسيك في أحزانك، ومن أعظم صور الوفاء بين الأصدقاء هو الدعاء بظهر الغيب، فهو دليل المحبة الصادقة، وهو دعاء مستجاب بإذن الله.
وقد حثت السنة النبوية الشريفة على الدعاء للمسلمين بظهر الغيب، لما فيه من خير وبركة يعودان على الداعي والمدعو له، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
“مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ”.
(المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2732)
أدعية مأثورة من السنة النبوية في الدعاء للغير
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الأدعية الجامعة المباركة، ومن الأمثلة على دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغيره بالخير والبركة، دعاؤه لأنس بن مالك رضي الله عنه:
“اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ”.
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6334)
وهذا الدعاء المبارك يمكن أن يُدعى به للأصدقاء، فهو يجمع خيري الدنيا بالبركة في الرزق والذرية.
صيغ وأدعية عامة يُمكن الدعاء بها للأصدقاء
إلى جانب الأدعية المأثورة، يجوز للمسلم أن يدعو لأخيه بما يفتح الله عليه من صيغ الدعاء الطيبة التي لا تخالف الشرع، والتي تجمع خيري الدنيا والآخرة، وهذه بعض الأمثلة على أدعية عامة يمكن الدعاء بها للصديق:
دعاء لصديق بالتوفيق والنجاح
- اللَّهُمَّ وَفِّقْ صَدِيقِي لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ نَصِيبًا، وَاحْفَظْهُ بِحِفْظِكَ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَارْزُقْهُ الرِّضَا وَالسَّكِينَةَ وَطُمَأْنِينَةَ الْقَلْبِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
 - رَبِّ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُنِيرَ دَرْبَ صَدِيقِي، وَتُيَسِّرَ أَمْرَهُ، وَتَشْرَحَ صَدْرَهُ، وَتُحَقِّقَ لَهُ مَا يَتَمَنَّاهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَتَجْعَلَهُ مِنَ السُّعَدَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
 
دعاء لصديقة بالسعادة وراحة البال
- يَا رَبِّ، أَسْعِدْ قَلْبَ صَدِيقَتِي وَامْلَأْهُ نُورًا وَسُرُورًا، وَحَقِّقْ لَهَا أَمَانِيَهَا، وَارْزُقْهَا الْخَيْرَ كُلَّهُ عَاجِلَهُ وَآجِلَهُ، وَاجْعَلِ السَّعَادَةَ تَدُقُّ أَبْوَابَهَا، وَالْبَرَكَةَ تَمْلَأُ أَيَّامَهَا.
 - اللَّهُمَّ إِنَّ صَدِيقَتِي كَانَتْ لِي عَوْنًا وَسَنَدًا، فَلَا تَحْرِمْنِي قُرْبَهَا، وَاجْعَلْ حَيَاتَهَا مَلِيئَةً بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَاتِ، وَافْتَحْ لَهَا أَبْوَابَ رِزْقِكَ وَطُمَأْنِينَتِكَ، وَاجْمَعْنِي بِهَا فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.
 
دعاء قصير عن الصداقة
- اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَدِيقِي وَبَارِكْ لَهُ فِي أَيَّامِهِ، وَاحْفَظْهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَاجْعَلْ حُبَّكَ وَتَوْفِيقَكَ يَسْكُنَانِ قَلْبَهُ.
 - رَبِّ، إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ أَصْدِقَائِي، فَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ، وَأَبْعِدْ عَنْهُمْ كُلَّ شَرٍّ، وَاجْعَلْ صُحْبَتَنَا خَالِصَةً لِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ.
 - يَا الله، إِنْ كَانَ فِي قَلْبِ صَدِيقِي ضِيقٌ أَوْ هَمٌّ، فَأَنْتَ الْعَالِمُ بِسِرِّهِ، فَأَزِلْ هَمَّهُ وَفَرِّجْ كَرْبَهُ وَامْنَحْهُ طُمَأْنِينَةً لَا تَزُولُ.
 
تنبيه هام وإخلاء مسؤولية
هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، ويجوز الدعاء بالصيغ العامة التي لا تحتوي على محظور شرعي.
دعاء للصديق المريض بالشفاء العاجل
من حق المسلم على أخيه أن يعوده إذا مرض، وأن يدعو له بالشفاء، وقد وردت في السنة النبوية أدعية مأثورة للمريض، منها:
“أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا”.
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 5743)
كما يمكن الدعاء بأي صيغة تحمل معنى طلب الشفاء، مثل:
- اللَّهُمَّ اشْفِ صَدِيقِي شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا، وَأَلْبِسْهُ ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
 - اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ الْبَاسِ، اشْفِ صَدِيقِي أَنْتَ الشَّافِي، لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ.
 - اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا أَنْ تَمُنَّ عَلَى صَدِيقِي بِالشِّفَاءِ الْعَاجِلِ، وَأَنْ تَجْعَلَ مَا أَصَابَهُ تَكْفِيرًا لِذُنُوبِهِ وَرِفْعَةً فِي دَرَجَاتِهِ.
 
دعاء للصديق المهموم والحزين
إذا رأيت صديقك مهمومًا أو حزينًا، فمن أفضل ما تقدمه له هو الدعاء بتفريج كربه وشرح صدره، ومن الأدعية المأثورة للكرب:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”.
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6369)
ويمكنك أن تدعو له قائلًا:
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَنْ تُفَرِّجَ هَمَّ صَدِيقِي، وَتُزِيلَ غَمَّهُ، وَتَشْرَحَ صَدْرَهُ، وَتُنَزِّلَ عَلَى قَلْبِهِ السَّكِينَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ.
 - يَا رَبِّ، اجْعَلْ لِصَدِيقِي مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَارْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَاجْبُرْ قَلْبَهُ بِفَرَحٍ مِنْ عِنْدِكَ.
 
أسس اختيار الصديق الصالح في الإسلام
حث الإسلام على حسن اختيار الأصدقاء، لأن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله، ومن أهم المعايير لاختيار الصديق الصالح:
- الدين والأخلاق: أن يكون صاحب دين وخلق قويم، يعينك على طاعة الله ويبعدك عن معصيته.
 - العقل والحكمة: أن يكون عاقلاً حكيمًا، تستشيره في أمورك فيوجهك إلى الخير والصواب.
 - الصدق والوفاء: أن يكون صادقًا في قوله، وفيًا في عهده، يحفظ سرك ويدافع عنك في غيابك.
 - الابتعاد عن رفقاء السوء: تجنب من يجاهر بالمعصية أو يدعو إلى الباطل، فإن صحبتهم تجلب الضرر في الدنيا والآخرة.
 
المصادر والمراجع
- صحيح مسلم، حديث رقم 2732، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - صحيح البخاري، حديث رقم 6334، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - صحيح البخاري، حديث رقم 5743، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 - صحيح البخاري، حديث رقم 6369، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
 
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء يمكن أن أدعو به لصديقي؟
أفضل الدعاء ما كان مأثورًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل الدعاء بالبركة في الرزق والذرية “اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته”، أو الدعاء له بالمغفرة والرحمة، وأعظم من ذلك أن تدعو له بظهر الغيب، فإنه مستجاب ويؤمِّن عليه ملك ويقول: “ولك بمثل”.
هل يجوز الدعاء للصديق بأمور الدنيا فقط؟
نعم، يجوز الدعاء للأصدقاء بخيري الدنيا والآخرة، فالدعاء لهم بالتوفيق في العمل، أو النجاح في الدراسة، أو الشفاء من المرض، أو السعادة الزوجية هو من الأمور الطيبة المشروعة، وهو من تمام المحبة والإخاء.
هل دعائي لصديقي في صلاتي مقبول؟
نعم، الدعاء للمسلمين عمومًا وللأصدقاء خصوصًا أثناء السجود في الصلاة أو بعد التشهد الأخير وقبل السلام هو من مواطن إجابة الدعاء، وهو فعل حسن يدل على صدق المحبة في الله.
		

