الدعاء هو جوهر العبادة وأحد أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى، وهو الصلة المباشرة بين العبد وربه، وقد حثّ الله عز وجل عباده على دعائه ووعدهم بالإجابة، فقال في كتابه الكريم:
“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ” [غافر: 60].
كما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم مكانة الدعاء العظيمة، مؤكداً أنه العبادة ذاتها، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ” (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).
لذا، يحرص المسلم على تحري الأوقات المباركة التي يُرجى فيها قبول الدعاء، ومن هذه الأيام الفاضلة يوم عاشوراء، الذي له مكانة خاصة في الإسلام.
فضل يوم عاشوراء والأعمال المشروعة فيه
يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم، وهو يوم نجّى الله فيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنده، فصامه موسى شكراً لله، وصامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، العمل الصالح الأساسي والمشروع في هذا اليوم هو الصيام، وله فضل عظيم.
- تكفير ذنوب سنة ماضية: يُعتبر صيام يوم عاشوراء سبباً لمغفرة ذنوب السنة التي قبله، لما ورد عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عاشوراء فقال:
 “يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ” (رواه مسلم). . 
- تحري النبي ﷺ لصيامه: كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على صيام هذا اليوم لفضله العظيم، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:
 “مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ” (رواه البخاري). . 
- استحباب صيام تاسوعاء: يُستحب للمسلم أن يصوم اليوم التاسع من محرم (تاسوعاء) مع اليوم العاشر (عاشوراء)، مخالفةً لليهود، وتحقيقاً للسنة.
حكم تخصيص يوم عاشوراء بدعاء معين
لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة دعاء خاص بيوم عاشوراء، فاليوم كله وقت مبارك يُستحب فيه الإكثار من العبادات العامة كالصيام، والذكر، والاستغفار، وتلاوة القرآن، والدعاء بما تيسر من الأدعية الجامعة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، أو بما يفتح الله به على عبده من خيري الدنيا والآخرة دون تخصيص صيغة معينة واعتقاد أن لها فضلاً خاصاً في هذا اليوم.
الأصل في العبادات التوقيف، أي الالتزام بما ورد به الدليل الشرعي الصحيح، وتخصيص يوم عاشوراء بدعاء لم يرد به دليل قد يدخل في باب البدع الإضافية، لذا فالأولى والأسلم للمسلم هو اللجوء إلى الأدعية الثابتة والمأثورة.
أدعية من القرآن والسنة يُستحب الإكثار منها
يمكن للمسلم أن يدعو في يوم عاشوراء وغيره من الأوقات بالأدعية الجامعة والمباركة الواردة في الكتاب والسنة، ومنها:
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة:
 “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201]. . 
- دعاء تفريج الكروب: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب:
 “يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ” (رواه النسائي، وحسنه الألباني). . 
- سيد الاستغفار: وهو أفضل صيغ الاستغفار، قال عنه النبي ﷺ أن من قاله موقناً به فمات من يومه دخل الجنة.
 “اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ” (رواه البخاري). . 
- دعاء طلب العفو والعافية:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي…” (رواه أبو داود، وصححه الألباني). . 
أمثلة على أدعية عامة منتشرة
يتداول بعض الناس صيغاً وأدعية عامة في يوم عاشوراء، وهي في مجملها أدعية تحتوي على معانٍ طيبة، ويمكن الدعاء بها في أي وقت كأدعية عامة، ومن أمثلتها:
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنا مِنْ كُلِّ كَرْبٍ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ شِدَّةٍ راحَةً، وَمِنْ كُلِّ بَلاءٍ عافِيَةً، وَارْزُقْ قُلُوبَنا الطُّمَأْنِينَةَ وَالإِيمَانَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْعَامَ عَامَ خَيْرٍ وَنُورٍ وَسَلَامٍ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلأَحِبَّائِنَا مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ مِنْ ذُنُوبِنَا يَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ.
- اللَّهُمَّ اسْتُرْ عُيُوبَنَا وَاغْفِرْ ذُنُوبَنَا، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَنَالُ شَرَفَ شُرْبِ الْمَاءِ مِنْ حَوْضِ نَبِيِّكَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ.
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه أنها خاصة بيوم عاشوراء، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية وشاملة ومباركة.
المصادر والمراجع
- سورة غافر، الآية 60.
- سورة البقرة، الآية 201.
- سنن الترمذي، حديث رقم 3372، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 1162، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 2004، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6306 (سيد الاستغفار)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- السنن الكبرى للنسائي وصحيح الترغيب والترهيب للألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 5090، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
س1: هل يوجد دعاء مخصص ليوم عاشوراء؟
ج: لا، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء مخصص ليوم عاشوراء، والمشروع هو الإكثار من الدعاء بشكل عام باستخدام الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، أو أي دعاء طيب دون تخصيص صيغة معينة لهذا اليوم.
س2: ما هي أفضل الأعمال في يوم عاشوراء؟
ج: أفضل عمل في يوم عاشوراء هو صيامه، مع استحباب صيام اليوم التاسع (تاسوعاء) قبله، بالإضافة إلى ذلك، يُستحب الإكثار من الأعمال الصالحة العامة مثل الذكر، والاستغفار، والصدقة، وتلاوة القرآن، والدعاء.
س3: ما حكم الأدعية المنتشرة المنسوبة ليوم عاشوراء؟
ج: الأدعية المنتشرة التي لا أصل لها في السنة، لا يجوز تخصيصها بيوم عاشوراء واعتقاد أن لها فضلاً خاصاً فيه، أما إن كانت تحمل معاني صحيحة، فيمكن الدعاء بها في أي وقت كدعاء عام، مع العلم أن الالتزام بالأدعية الواردة في القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.
 
		

الصراحه يعطيكم العافيه وصوما مقبول