الدعاء هو العبادة، وجوهر الصلة بين العبد وربه، وهو سبيل المؤمن لتحقيق الطمأنينة والسكينة في قلبه، ففي اللجوء إلى الله تعالى، يجد الإنسان ملاذه الآمن، ويعترف بحاجته المطلقة إلى خالقه الذي بيده مقاليد السماوات والأرض، إن التقرب إلى الله عز وجل بالدعاء الصادق، واتباع ما ورد في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، هو أساس السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة.
وقد حثنا الله تعالى على دعائه ووعد بالإجابة، فقال سبحانه:
“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ” [غافر: 60]
وفيما يلي مجموعة من الأدعية الموثوقة من القرآن الكريم والسنة النبوية، بالإضافة إلى صيغ عامة يمكن للمسلم أن يدعو بها.

أدعية جامعة من القرآن الكريم
إن خير الدعاء ما ورد في كتاب الله تعالى، فهو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل، وهذه بعض الأدعية القرآنية المباركة:
- دعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201].
.
- دعاء لطلب الثبات على الحق:
“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ” [آل عمران: 8].
.
- دعاء لطلب المغفرة والرحمة:
“رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ” [المؤمنون: 118].
.
أدعية ثابتة من السنة النبوية الشريفة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بأدعية جوامع، وهي من أفضل ما يدعو به المسلم تأسياً به، ومن هذه الأدعية الصحيحة:
- دعاء تفريج الكرب والهم:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْzِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”، (حديث صحيح، رواه البخاري).
.
- دعاء سيد الاستغفار:
“اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أَنْتَ”، (حديث صحيح، رواه البخاري).
.
- دعاء الثبات على الدين:
“يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ”، (حديث صحيح، رواه الترمذي).
.
- دعاء طلب العفو والعافية:
“اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”، (حديث صحيح، رواه الترمذي).
.
- دعاء شامل للخير:
“اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ”، (حديث صحيح، رواه مسلم).
.
أدعية عامة وصيغ مأثورة
هناك بعض الصيغ التي يتداولها الناس للدعاء، وهي ذات معانٍ طيبة، يجوز الدعاء بها وبغيرها ما لم تتضمن محذوراً شرعياً، مع العلم أن الأكمل والأفضل هو الالتزام بالأدعية الواردة في القرآن والسنة.
- اللَّهُمَّ أَغْنِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.
- يَا رَبِّ ارْزُقْنِي قَلْبًا خَاشِعًا، وَلِسَانًا ذَاكِرًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَارْزُقْنِي مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا لِكُلِّ مَرِيضٍ، وَرَحْمَةً لِكُلِّ مَيِّتٍ، وَتَوْفِيقًا لِكُلِّ مُحْتَاجٍ.
- رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ، وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ.
تنبيه هام وحكم الأدعية غير المأثورة
تنبيه هام: الصيغ المذكورة في قسم “أدعية عامة” هي مما يتداوله بعض الناس بمعانٍ حسنة، ولكنها لم تثبت بسند صحيح متصل عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذه الصياغة المحددة، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لخيري الدنيا والآخرة، ويجوز للمسلم أن يدعو لنفسه بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم، ولكن الأفضل والأكمل هو لزوم المأثور.

آداب وشروط استجابة الدعاء
لكي يكون الدعاء أقرب للقبول، يُستحب للمسلم مراعاة بعض الآداب والشروط التي وردت بها النصوص الشرعية، ومن أهمها:
- الإخلاص لله تعالى: أن يكون الدعاء خالصًا لوجه الله، لا يُقصد به رياء ولا سمعة.
- حضور القلب: التضرع والخشوع أثناء الدعاء، مع اليقين التام بأن الله سبحانه هو القادر على الإجابة.
- البدء بحمد الله والثناء عليه: افتتاح الدعاء بتمجيد الله تعالى، ثم الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- الإلحاح في الدعاء: تكرار الدعاء وعدم اليأس أو استعجال الإجابة.
- تحري أوقات الإجابة: مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة.
- أكل الحلال: طيب المطعم والمشرب والملبس من أعظم أسباب قبول الدعاء.
- رفع اليدين واستقبال القبلة: وهي من الآداب المستحبة التي تظهر التذلل والافتقار إلى الله.
المصادر والمراجع
- سورة غافر، الآية 60.
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة آل عمران، الآية 8.
- سورة المؤمنون، الآية 118.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6363، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3522، وصححه الألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3513، وصححه الألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2739، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول الدعاء
ما هو أفضل وقت للدعاء؟
يُستجاب الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها القبول أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وأثناء السجود في الصلاة، وبين الأذان والإقامة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.
هل يجوز الدعاء بغير اللغة العربية؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بلغته التي يفهمها، فالله سبحانه وتعالى يعلم ما في القلوب ويسمع كل اللغات، ولكن الدعاء بالمأثور من القرآن والسنة باللغة العربية هو الأفضل والأكمل.
دعوت الله كثيراً ولم يستجب لي، فماذا أفعل؟
عدم استعجال الإجابة من آداب الدعاء، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يستجيب للعبد ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم، وتكون الإجابة على ثلاث صور: إما أن يُعجّل له دعوته في الدنيا، أو يدّخرها له في الآخرة، أو يصرف عنه من السوء مثلها، فعلى المسلم أن يُحسن الظن بربه ويستمر في الدعاء.