يُعد الصبر من أعظم مقامات الإيمان وأسمى الأخلاق التي حث عليها الإسلام، فهو القوة التي تمكّن المؤمن من مواجهة ابتلاءات الحياة ومصاعبها بنفسٍ راضية وقلبٍ مطمئن، إن اليقين بأن كل ما يصيب الإنسان هو بتقدير من الله عز وجل، وأن وراء كل محنة حكمة ومنحة، هو أساس الصبر الجميل، وقد وعد الله الصابرين بأجور عظيمة ومعيّة خاصة، فقال تعالى في كتابه الكريم:

“وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ”

[الأنفال: 46]، ويقترن هذا الصبر باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، فهو السلاح الذي يستمد به المؤمن العون والثبات والقوة من خالقه.

أدعية الصبر والثبات من القرآن والسنة

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي تشمل خيري الدنيا والآخرة، ومن هذه الأدعية الموثوقة لطلب الصبر:

1، أدعية الصبر من القرآن الكريم

• دعاء طلب الثبات والصبر عند مواجهة الشدائد، كما ورد في قصة طالوت وجالوت:
  

  “وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”

  (سورة البقرة، الآية 250).

• دعاء يجمع بين طلب الصبر وحسن العاقبة، وهو من دعاء سحرة فرعون بعد إيمانهم:
  

  “رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ”

  (سورة الأعراف، الآية 126).

2، أدعية الصبر من السنة النبوية المطهرة

• دعاء الكرب والشدة، وهو من الأدعية التي تُعين على التحمل والصبر:
  

  “اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”

  (رواه أبو داود، حديث حسن).

• دعاء جامع لطلب العافية والصبر عليها، وهو من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:
  

  “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي…”

  (رواه أبو داود وصححه الألباني).

صيغ وأدعية عامة لطلب الصبر وقوة التحمل

تنبيه هام: الأدعية التالية هي من الصيغ العامة التي يتداولها الناس، ولم تثبت بنصها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأفضل والأكمل هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ومع ذلك، يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ لا تخالف الشرع، ما دامت معانيها صحيحة.

يمكن للمسلم أن يدعو الله بهذه الصيغ العامة التي تجمع معاني الصبر والرضا وانتظار الفرج:

• اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الصَّبْرَ، وَاجْعَلْ قُلُوبَنَا مَعْمُورَةً بِالرِّضَا وَالإِيمَانِ القَوِيِّ الَّذِي يُعِينُنَا عَلَى مُوَاجَهَةِ تَقَلُّبَاتِ الحَيَاةِ وَصُعُوبَاتِهَا، اللَّهُمَّ امْسَحْ عَنَّا الهَمَّ وَزِدْنَا قُوَّةً وَثَبَاتًا.
• رَبَّنَا نَسْأَلُكَ أَنْ تَمْنَحَنَا الصَّبْرَ وَالثَّبَاتَ عَلَى طَاعَتِكَ، وَأَنْ تَجْعَلَنَا مِنَ الَّذِينَ يُحِبُّونَ الاِلْتِزَامَ بِأَوَامِرِكَ وَيَجْتَنِبُونَ نَوَاهِيَكَ، وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا عِنْدَ مُوَاجَهَةِ البَلَاءِ.
• اللَّهُمَّ اجْعَلِ الصَّبْرَ الجَمِيلَ لِبَاسَنَا، وَزَوِّدْنَا مِنْ قُوَّتِكَ مَا يَجْعَلُنَا نَقْبَلُ أَقْدَارَكَ بِقُلُوبٍ رَاضِيَةٍ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الشَّاكِرِينَ لِنِعَمِكَ دَائِمًا، وَاغْفِرْ لَنَا زَلَّاتِنَا يَوْمَ العَرْضِ عَلَيْكَ.

دعاء التحلي بالصبر خلال الشدائد

في أوقات المحن، يزداد احتياج العبد لربه، فيلجأ إليه بالدعاء طالبًا المدد والقوة، ومن الصيغ التي يمكن الدعاء بها:

• اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ وَالأَحْوَالِ، ارْزُقْنِي صَبْرًا لا يَنْفَدُ وَقُوَّةً تُعِينُنِي عَلَى التَّحَمُّلِ، وَلا تَجْعَلْنِي مِنَ الجَازِعِينَ عِنْدَ حُلُولِ المَصَائِبِ.
• يَا الله، أَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِأَسْمَائِكَ الحُسْنَى وَصِفَاتِكَ العُلَا، أَنْ تَجْعَلَنِي مِنَ الصَّابِرِينَ المُحْتَسِبِينَ، وَارْزُقْنِي عِوَضًا جَمِيلًا عَنْ كُلِّ مَا فَقَدْتُ، إِنَّكَ أَنْتَ الكَرِيمُ المَنَّانُ.
• أَسْأَلُكَ يَا خَالِقِي أَنْ تَمْنَحَنِي الصَّبْرَ، وَتَكْتُبَ لِيَ الخَيْرَ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ، وَتَجْعَلَنِي مِنَ المُحْتَسِبِينَ الأَجْرَ لَدَيْكَ، يَا رَبِّ اجْعَلْ لِي نَصِيبًا مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

دعاء لطلب السكينة وانتظار الفرج

السكينة ثمرة من ثمار الصبر، وهي طمأنينة يلقيها الله في قلب عبده المؤمن، ومن الأدعية الجامعة لطلبها:

• اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الصَّبْرَ الجَمِيلَ، وَأَمِدَّنِي بِقُوَّةِ التَّحَمُّلِ، وَاصْرِفْ عَنِّي كُلَّ بَلَاءٍ، وَاجْعَلْ قَلْبِي مَمْلُوءًا بِالإِيمَانِ، وَرُوحِي مُطْمَئِنَّةً بِالصَّبْرِ.
• رَبِّ اجْعَلْنِي مُكْتَفِيًا بِرِزْقِكَ الحَلَالِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ الحَرَامِ، وَأَعِنِّي عَزِيمَةً قَوِيَّةً لِمُوَاجَهَةِ التَّجَارِبِ الصَّعْبَةِ، وَاشْفِ مَرْضَانَا وَمَرْضَى المُسْلِمِينَ.
• يَا رَبِّ، أَسْأَلُكَ قُوَّةَ التَّحَمُّلِ فِي حَيَاتِي، وَالقُدْرَةَ عَلَى مُوَاجَهَةِ كُلِّ مَشَقَّةٍ، وَارْزُقْنِي فَرَجًا قَرِيبًا يُنِيرُ دَرْبِي وَيُزِيلُ هَمِّي، وَاجْعَلْ لِي فِي كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا.

إن الصبر من أعظم الأخلاق التي تجعل المسلم قادرًا على مواجهة تقلبات الحياة وابتلاءاتها بثبات، فهو يغرس في القلب إيمانًا قويًا، ويمنحه رضا عميقًا وسلامًا داخليًا، ويبعده عن السخط والجزع، ويرفعه درجات عند الله تعالى.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة حول دعاء الصبر

ما هو أفضل دعاء لطلب الصبر؟

أفضل الأدعية هي تلك المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء:

“رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا”

[البقرة: 250]، لأنه يجمع بين كلام الله المبارك وكمال المعنى.

هل يجوز الدعاء لطلب الصبر بصيغ من عندي؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من الأدعية التي لم ترد في الكتاب أو السنة، بشرط أن تكون معانيها صحيحة ولا تحتوي على محظور شرعي، ولكن، يبقى الدعاء بالمأثور هو الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا.

ما هو فضل الصبر في الإسلام؟

للصبر فضائل عظيمة، منها أن الله يكون مع الصابرين، ويوفيهم أجرهم بغير حساب، كما أنه سبب لتكفير السيئات ورفعة الدرجات، قال تعالى:

“إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ”

[الزمر: 10].

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر