الدعاء هو جوهر العبادة والصلة المباشرة بين العبد وربه، وهو الملجأ الآمن في أوقات الشدة والضيق، عندما تثقل الهموم على النفس، يجد المؤمن في مناجاة الله تعالى سكينة وطمأنينة وفرجًا، إن الابتلاءات جزء من حياة المؤمن، يختبر الله بها صبره وإيمانه، وفي طياتها تكمن حِكَمٌ عظيمة ورفعة في الدرجات.
نقدم في هذا المقال مجموعة من الأدعية الصحيحة والثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والتي تُعد خير ما يدعو به المسلم لتفريج الكروب وإزالة الهموم، مع بيان مصادرها لتعزيز الموثوقية والاتباع.
أدعية ثابتة من القرآن والسنة لتفريج الكرب والهم
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد عن الله تعالى في كتابه الكريم، وعن نبيه صلى الله عليه وسلم في سنته الصحيحة، ففيها الخير والبركة والكفاية، إليك أبرز الأدعية الثابتة التي يُنصح بها عند الشعور بالضيق والحزن:
- 
دعاء الكربكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا الدعاء عند الكرب الشديد، وهو من أعظم الأدعية لتهدئة النفس وتفويض الأمر لله العظيم. “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.” المصدر: متفق عليه (صحيح البخاري وصحيح مسلم). 
- 
دعاء الهم والحزنهذا الدعاء النبوي الشريف جامع للاستعاذة من كل ما يُعكّر صفو حياة المسلم ويُضعف همته، من هموم النفس ومشاغل الدنيا. “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.” المصدر: صحيح البخاري. 
- 
دعاء المكروبيُسن للمسلم إذا أصابه كرب أو أمر أهمّه أن يلجأ إلى الله بهذا الدعاء، راجيًا رحمته التي وسعت كل شيء. “اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.” المصدر: سنن أبي داود (حديث حسن). 
- 
دعاء ذي النون (يونس عليه السلام)وهو الدعاء الذي دعا به نبي الله يونس وهو في بطن الحوت، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما دعا به مسلم في شيء إلا استجاب الله له. “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.” المصدر: سورة الأنبياء، الآية 87. 
صيغ وأدعية عامة لتفريج الهم
يتداول الناس بعض الصيغ والأدعية التي لم ترد بنصها في السنة النبوية، ولكن معانيها صحيحة ولا تتعارض مع العقيدة الإسلامية، يمكن الدعاء بها على سبيل العموم، مع اليقين بأن الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الأفضل والأكثر بركة.
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا فَارِجَ الْهَمِّ، وَيَا كَاشِفَ الْغَمِّ، يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، أَنْ تَرْحَمَنِي بِرَحْمَةٍ تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ.”.
- “اللَّهُمَّ اكْفِنِي مَا أَهَمَّنِي وَمَا لَا أَهْتَمُّ لَهُ، اللَّهُمَّ زَوِّدْنِي بِالتَّقْوَى، وَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَوَجِّهْنِي لِلْخَيْرِ أَيْنَمَا تَوَجَّهْتُ.”.
- “يَا فَارِجَ الْهَمِّ وَيَا كَاشِفَ الْغَمِّ، فَرِّجْ هَمِّي وَيَسِّرْ أَمْرِي وَارْحَمْ ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَارْزُقْنِي مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.”.
- “اللهم يا شاهد كل غائب، ويا قريب غير بعيد، ويا غالباً ليس بمغلوب، اجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً، وثبّت رجاءك في قلبي واقطعني عمن سواك حتى لا أرجو غيرك.”.
تنبيه وإخلاء مسؤولية
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة في هذا القسم هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة.
الحكم الشرعي في الأدعية المنتشرة للضيق
يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بأي دعاء فيه خير له في دينه ودنياه، ما لم يكن فيه إثم أو قطيعة رحم، الأدعية العامة التي تحمل معانٍ طيبة جائزة، ولكن لا يجوز نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو تخصيص فضل معين أو عدد معين لها لم يرد به دليل شرعي، الأفضل والأكمل هو حفظ الأدعية النبوية الصحيحة والدعاء بها، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها تمام الاتباع للنبي عليه الصلاة والسلام.
آداب الدعاء وأسباب الإجابة
لتحقيق أثر الدعاء وقبوله، يُستحسن للمسلم أن يلتزم بآدابه، ومنها:
- الإخلاص لله تعالى: أن يكون الدعاء خالصًا لوجه الله وحده.
- اليقين بالإجابة: أن يدعو المسلم وهو موقن بأن الله سيستجيب له.
- حضور القلب: الخشوع والتركيز أثناء الدعاء وتدبر معانيه.
- تحري أوقات الإجابة: مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وعند نزول المطر، ويوم الجمعة.
- البدء بحمد الله والثناء عليه: ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وختم الدعاء بذلك.
- اجتناب الحرام: في المأكل والمشرب والملبس، فهو من موانع إجابة الدعاء.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- صحيح البخاري، كتاب الدعوات، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، كتاب الأدب، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول أدعية تفريج الكرب
ما هو أفضل دعاء لإزالة الهم والحزن؟
جميع الأدعية المأخوذة من القرآن والسنة الصحيحة هي الأفضل، ويُعد “دعاء الكرب” (لا إله إلا الله العظيم الحليم…) و”دعاء الهم والحزن” (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن…) من أصح وأجمع الأدعية في هذا الباب.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من صيغ طيبة تناسب حاجته، بشرط ألا تحتوي على محظور شرعي، ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية النبوية هو الأولى والأكمل.
ما هي أفضل الأوقات للدعاء من أجل تفريج الكروب؟
يُستجاب الدعاء في كل وقت، ولكن هناك أوقات أرجى للقبول، منها جوف الليل الآخر (وقت السحر)، وفي السجود أثناء الصلاة، وبين الأذان والإقامة، وآخر ساعة من يوم الجمعة.
 
		
