إن من أعظم القربات إلى الله تعالى الدعاء، فهو العبادة التي تصل العبد بربه مباشرة، ولأهمية الدعاء، فقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة العديد من الصيغ المباركة التي تشمل خيري الدنيا والآخرة، في هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأدعية الموثوقة، ونوضح حقيقة بعض الصيغ المنتشرة، مع التركيز على أهمية الالتزام بما هو ثابت وصحيح.
أدعية جامعة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد عن الله تعالى في كتابه، وعن نبيه صلى الله عليه وسلم، هذه الأدعية هي الأكمل والأكثر بركة.
- دعاء شامل لخيري الدنيا والآخرة (من القرآن الكريم):
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
المصدر: سورة البقرة، الآية 201، وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم.
- دعاء الكرب وتفريج الهم:
“لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”
المصدر: صحيح البخاري وصحيح مسلم، كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به عند الكرب.
- دعاء طلب العفو والعافية:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”
المصدر: سنن أبي داود وسنن ابن ماجه (حديث صحيح)، وهو من أذكار الصباح والمساء.
- دعاء سيد الاستغفار:
“اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ”
المصدر: صحيح البخاري، قال النبي صلى الله عليه وسلم أن من قاله موقناً به حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة، وكذلك إذا أصبح.
صيغة “دعاء العشرات” المتداولة
تنتشر بين بعض الناس صيغة دعاء تُعرف بـ “دعاء العشرات”، ويُذكر أنها تُقرأ في أوقات معينة كعصر يوم الجمعة، نورد هنا النص المتداول للفائدة والمعرفة:
- سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا إِلَهَ إِلاّ الله وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، سُبْحَانَ اللهِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ، سُبْحَانَ اللهِ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ..، (إلى آخر الصيغة الطويلة المتداولة).
كما يُذكر أن كيفية ترديده تتضمن تكرار عبارات معينة عشر مرات، مثل “أَسْتَغْفِرُ اللهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ”، و “يَا اللهُ يَا اللهُ”، وغيرها.
تنبيه هام حول هذه الصيغة
تنبيه وإخلاء مسؤولية: إن صيغة “دعاء العشرات” المذكورة أعلاه، بالكيفية والتكرارات المحددة، هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من أصحابه في كتب السنة المعتمدة. الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، وفيها غنية عن غيرها.
حكم دعاء العشرات ومدى ثبوته في السنة
بعد البحث في مصادر الحديث المعتبرة لدى أهل السنة والجماعة، مثل الصحيحين والسنن الأربعة والمسانيد، لم يتم العثور على حديث يثبت هذه الصيغة المحددة المعروفة بـ “دعاء العشرات”، إن تخصيص دعاء معين بفضل أو وقت أو كيفية محددة لا بد له من دليل شرعي صحيح، وهذا ما لا يتوفر لهذه الصيغة، وإن كان بعض ما فيها من عبارات التسبيح والتهليل صحيحاً في معناه العام، إلا أن تركيبها بهذه الهيئة وتخصيصها بهذا الاسم والفضل لم يرد به دليل.
لذا، الأولى بالمسلم أن يلتزم بالأدعية الثابتة الصحيحة، أو أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من الأدعية الطيبة ذات المعنى الصحيح دون أن ينسبها إلى الشرع أو يخصص لها فضلاً لم يرد.
أمثلة على أدعية عامة جامعة
يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بأي صيغة طيبة تجمع خيري الدنيا والآخرة، ما لم تتضمن اعتداءً في الدعاء، وهذه أمثلة على أدعية عامة ذات معانٍ حسنة يمكن الدعاء بها في كل وقت:
- دعاء للأهل: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي، وَبَارِكْ لِي فِي أَهْلِي وَمَالِي، وَاجْعَلْهُمْ قُرَّةَ عَيْنٍ لِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
- دعاء للتحصين: اللَّهُمَّ احْفَظْنِي وَأَهْلِي وَمَالِي بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَسُوءٍ.
- دعاء لطلب الرزق: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي رِزْقًا حَلالاً طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ يَا أَكْرَمَ الأَكْرَمِينَ.
- دعاء لطلب المغفرة: يَا رَبِّ، إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعَهَا، وَاسْتُرْ عُيُوبِي، وَتَجَاوَزْ عَنْ خَطَايَايَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
- دعاء لطلب السعادة والطمأنينة: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَارْزُقْنِي السَّعَادَةَ وَالسَّكِينَةَ فِي قَلْبِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاشْرَحْ لِي صَدْرِي يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
- دعاء لقضاء الحاجة: اللَّهُمَّ يَا قَاضِيَ الْحَاجَاتِ، وَيَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ، اقْضِ حَاجَتِي، وَفَرِّجْ كُرْبَتِي، وَحَقِّقْ لِي مَا أَتَمَنَّى بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- دعاء لطلب الستر: اللَّهُمَّ اسْتُرْنِي فَوْقَ الأَرْضِ، وَتَحْتَ الأَرْضِ، وَيَوْمَ الْعَرْضِ عَلَيْكَ، وَأَحْسِنْ خَاتِمَتِي يَا كَرِيمُ.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6347، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2690، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 5090، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6306، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
س1: هل دعاء العشرات ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
ج: لا، لم يثبت دعاء العشرات بالصيغة والكيفية المتداولة في كتب السنة النبوية المعتمدة بسند صحيح، والأفضل هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.
س2: ما هو البديل الصحيح للأدعية غير الثابتة؟
ج: البديل الصحيح هو الأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة ومباركة، يمكنك أيضاً الدعاء بما تشاء من الأدعية الطيبة التي لا تخالف الشرع، دون تخصيص فضل أو كيفية معينة لها.
س3: ما هي أفضل أوقات الدعاء المستجاب؟
ج: هناك أوقات وأحوال عديدة يُرجى فيها إجابة الدعاء، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، وفي السفر، ودعاء الصائم حتى يفطر.


