الشهوات من أعظم الامتحانات التي يمر بها العبد، فقد جعلها الله تعالى ابتلاءً واختبارًا لصبر المؤمنين وصدق إيمانهم، ليتميز من يجاهد نفسه ويلزمها طاعة الله، ممن يتبع هواه، فمن ثبت أمام هذه الفتن، فقد فاز برضا الله في الدنيا والآخرة، ومن انقاد لها، عرّض نفسه للكدر في دنياه والعذاب في أخراه، لذلك، كان لزامًا على المسلم أن يتسلح بالصلاة، ويداوم على الذكر، ويلجأ إلى الله تعالى بأدعية مأثورة تعينه على تقوية عزيمته والابتعاد عن الذنوب والمعاصي.
أدعية مأثورة من القرآن والسنة للحفظ من الشهوات
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الخير والكفاية، ومن هذه الأدعية:
- دعاء نبي الله يونس عليه السلام: وهو من أعظم الأدعية لتفريج الكروب والنجاة من المهالك.
 “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” المصدر: سورة الأنبياء، الآية 87.. 
- دعاء النبي ﷺ لتقوى النفس وزكاتها: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله صلاح نفسه وتطهيرها.
 “اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا” المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2722.. 
- دعاء الثبات على الدين: وهو دعاء جامع يطلب فيه العبد من الله أن يثبّت قلبه على طاعته.
 “يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ” المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 2140، (حديث حسن).. 
- دعاء الاستعاذة من شر الجوارح: يعلّمنا هذا الدعاء اللجوء إلى الله للحماية من شر ما قد تجلبه الحواس من فتن.
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي” المصدر: سنن أبي داود، حديث رقم 1551، (حديث صحيح).. 
- سؤال الهداية والصلاح: وهو دعاء عظيم يجمع خيري الدنيا والآخرة.
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى” المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2721.. 
صيغ وأدعية عامة لطلب الثبات والبعد عن المعاصي
باب الدعاء واسع، ويجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ طيبة لا تخالف الشرع، تشتمل على التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، وطلب العون منه على مجاهدة النفس، ومن الأمثلة على هذه الأدعية العامة:
- اللَّهُمَّ يا قويُّ يا متين، اجعلني في حفظك وحمايتك، وامنحني عونك وهدايتك، واصرف عني سبل الشهوات، واغفر ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم.
- يا رب، إن ضعفت نفسي وقصرت في طاعتك، فإني ألجأ إليك وحدك، وأنت القادر على غفران زلاتي وإرشادي إلى سبيل الرشاد، فاهدني إلى صراطك المستقيم يا رب العالمين.
- يا رب، يا من تسمع همس القلوب وتدرك خفايا النفوس، امنحني الثبات على دينك، وباعد بيني وبين الذنوب والخطايا، واغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر يا أرحم الراحمين.
- اللَّهُمَّ يا مُدبر الأمور، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وارزقني العون والثبات، وكن معي يا مولانا ونعم النصير.
- يا رب، إني أسألك علمًا نافعًا، وأعوذ بك من نفسٍ لا تشبع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن دعاءٍ لا يُسمع.
تنبيه هام حول الأدعية العامة
تنبيه: هذه الصيغ هي مما يتداوله الناس من أدعية عامة تحمل معاني طيبة، ولكنها لم تثبت بنص محدد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، وهي الأولى بالحرص والمداومة.
وسائل عملية للثبات على الطاعة وتجنب المعاصي
مواجهة الشهوات والتغلب عليها جزءٌ من جهاد النفس الذي يثاب عليه المؤمن، وبالإضافة إلى الدعاء، هناك وسائل شرعية وعملية تعين المسلم على حماية نفسه من المعاصي، ومن أهمها:
- الاستعانة بالصبر والصلاة: فهما من أعظم ما يعين العبد على الثبات، قال تعالى:
 “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” [البقرة: 153]. 
- استحضار مراقبة الله: إن تذكُّر أن الله يراك في السر والعلن يورث في القلب الحياء منه، ويمنع من الوقوع في المعصية.
- غض البصر: فالبصر هو بوابة القلب، وغضه عن المحرمات يطهّر القلب ويحميه من الفتن، قال تعالى:
 “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ” [النور: 30]. 
- المداومة على التوبة والاستغفار: كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون، فالمسارعة إلى التوبة الصادقة تمحو أثر الذنب وتقوي العزيمة.
- صحبة الصالحين: فالمرء على دين خليله، والصحبة الصالحة تعين على الطاعة وتذكّر بالله، بينما تبعد صحبة السوء عن طريق الحق.
- التفكر في عواقب المعاصي: التأمل في آثار الذنوب في الدنيا (من ضيق وكدر) وفي الآخرة (من عقاب الله) يزهّد النفس فيها ويبغّضها إليها.
- مجاهدة النفس المستمرة: النفس بطبيعتها أمّارة بالسوء، وتحتاج إلى مجاهدة دائمة وترويض على الطاعة حتى تستقيم على أمر الله.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة البقرة، الآية 153.
- سورة النور، الآية 30.
- صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، حديث رقم 2722 وحديث رقم 2721، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، كتاب الدعوات، حديث رقم 2140، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، كتاب الوتر، حديث رقم 1551، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول الدعاء للحفظ من الشهوات
ما هو أفضل دعاء للثبات على الدين؟
من أفضل الأدعية وأجمعها هو ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر منه:
“يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ”
وهو دعاء عظيم يسأل فيه العبد ربه أصل الثبات والاستقامة.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لم ترد في السنة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، ومع ذلك، فإن الأدعية الواردة في القرآن والسنة هي الأفضل والأكمل والأكثر بركة، فينبغي للمسلم أن يحرص عليها أولاً.
ما هي الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء؟
هناك أوقات وأحوال عديدة يُرجى فيها إجابة الدعاء، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، وفي يوم عرفة.
 
		
