الحمل والإنجاب هبةٌ عظيمة ورزقٌ كريم من الله عز وجل، فهو الخالق الوهّاب الذي يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور، كما ذكر في كتابه الكريم:

“لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ۖ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ” [الشورى: 49-50].

والأبناء زينة الحياة الدنيا، وقرة عين للوالدين، ومن أعظم أسباب نيل هذا الرزق المبارك هو اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء الصادق واليقين التام بقدرته وإجابته، وفيما يلي مجموعة من الأدعية الموثوقة من القرآن الكريم والسنة النبوية، مع بيان لبعض الصيغ الشائعة وحكمها الشرعي.

أدعية ثابتة من القرآن الكريم للرزق بالذرية الصالحة

إن أفضل ما يدعو به العبد هو ما ورد في كتاب الله تعالى، فقد تضمنت آياته أدعية للأنبياء والصالحين استجاب الله لهم بها، ومنها ما يتعلق بطلب الذرية:

• دعاء نبي الله زكريا عليه السلام: وهو من أشهر الأدعية القرآنية في طلب الولد، وقد ورد بصيغ متعددة:
  

  “رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ” [الأنبياء: 89].

  “رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ” [آل عمران: 38].

  “وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا” [مريم: 5-6].

  .

• دعاء عباد الرحمن: وهو دعاء جامع يطلب فيه العبد صلاح الزوجة والذرية.
  

  “وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” [الفرقان: 74].

  .

• الإكثار من الاستغفار: بيّن القرآن الكريم أن الاستغفار من أسباب الرزق بالمال والبنين.
  

  “فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا” [نوح: 10-12].

  .

أدعية مأثورة من السنة النبوية الشريفة

إلى جانب الأدعية القرآنية، حثت السنة النبوية على أدعية جامعة للخير، يمكن للمسلم أن يدعو بها في كل أموره، ومنها طلب الذرية الصالحة:

• دعاء جامع لطلب المغفرة: الذنوب قد تكون مانعًا من استجابة الدعاء، وهذا الدعاء النبوي من جوامع الاستغفار.
  

  “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وجَهْلِي، وإسْرافِي في أمْرِي، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي جِدِّي وهَزْلِي، وخَطَئِي وعَمْدِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، أنْتَ المُقَدِّمُ وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ.”

  المصدر: رواه البخاري ومسلم، وهو حديث صحيح.

• التوسل إلى الله باسمه الأعظم:
  

  عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: “اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدَ لا إلَهَ إلَّا أنتَ المنَّانُ بديعُ السَّمواتِ والأرضِ يا ذا الجلالِ والإِكرامِ يا حيُّ يا قيُّومُ”، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: “لقد دعا اللَّهَ باسمِهِ العظيمِ الَّذي إذا دُعيَ بِهِ أجابَ وإذا سئلَ بِهِ أعطى”.

  المصدر: رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وهو حديث صحيح، يمكن للمسلم أن يبدأ دعاءه بهذه الصيغة ثم يسأل الله حاجته، ومنها الذرية الصالحة.

صيغ دعاء شائعة ومنتشرة لطلب الحمل

يتداول الناس بعض الأدعية والصيغ التي لم ترد في القرآن أو السنة، ولكنها تحمل معاني طيبة في التوسل إلى الله، يمكن الدعاء بها ما لم تتضمن محظورًا شرعيًا، مع العلم أن الأفضل دائمًا هو الالتزام بالمأثور، ومن أمثلة هذه الصيغ:

• “اللهم إني أسألك بجلال وجهك الكريم الذي يملأ أركان عرشك، وبقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك، وبرحمتك التي وسعت كل شيء، أن ترزقني ذرية صالحة تقر بها عيني يا أكرم الأكرمين.”.
• “يا رب، يا من أمره بين الكاف والنون، إذا أراد شيئًا قال له كن فيكون، أسألك بعزتك وقدرتك أن تهب لي من لدنك وليًا، وتجعله ربِّ رضيا.”.
• “ربي يا من أمسكت السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنك، أمسك ما في رحمي، وأتمم حملي على خير، واحفظه من كل سوء.”.
• “اللهم ارزقني ولدًا واجعله تقيًا ذكيًا، ليس في خلقه زيادة ولا نقصان، واجعل عاقبته إلى خير.”.

تنبيه هام وحكم الدعاء بهذه الصيغ

تنبيه: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة.

الحكم الشرعي: يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة كانت، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، ومع ذلك، يبقى الدعاء بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأفضل والأكمل والأقرب للإجابة.

آداب وأوقات يُرجى فيها استجابة الدعاء

لتحري إجابة الدعاء، يُستحب للمسلم أن يلتزم بآداب الدعاء ويتحرى الأوقات والأحوال الفاضلة، ومنها:

• الإخلاص لله تعالى: أن يكون الدعاء خالصًا لوجه الله.
• اليقين بالإجابة: أن يدعو وهو موقن بأن الله سيستجيب له.
• الإلحاح في الدعاء: تكرار الدعاء وعدم الاستعجال.
• تحري أوقات الإجابة: مثل الثلث الأخير من الليل، وأثناء السجود في الصلاة، وبين الأذان والإقامة، ويوم الجمعة.
• البدء بالثناء على الله والصلاة على النبي: أن يبدأ الداعي بحمد الله والثناء عليه، ثم يصلي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بحاجته.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

ما هو أفضل دعاء للرزق بالذرية الصالحة؟

أفضل الأدعية هي تلك الواردة في القرآن الكريم، خاصة أدعية الأنبياء مثل دعاء زكريا عليه السلام: “رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ”، ودعاء “رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً”، كما أن الإكثار من الاستغفار بنية طلب الذرية هو من أعظم الأسباب المذكورة في القرآن.

هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لطلب الحمل؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بحاجته بأي صيغة يفتح الله بها عليه، بشرط ألا تحتوي الصيغة على إثم أو اعتداء في الدعاء، ومع ذلك، يبقى الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأرجى للقبول.

ما هي الأوقات التي يُستحب فيها الدعاء لطلب الذرية؟

يُستحب تحري أوقات إجابة الدعاء التي وردت في السنة النبوية، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وأثناء السجود في الصلاة، وبين الأذان والإقامة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، والأهم من الوقت هو حضور القلب واليقين بقدرة الله تعالى.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر