يُعَدُّ شهر رمضان المبارك فرصة عظيمة للتقرب إلى الله تعالى، فهو شهر الرحمة والمغفرة الذي أنزل فيه القرآن هداية للناس، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم:

شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ [البقرة: 185]

وفي هذا الشهر الفضيل، تتضاعف قيمة العبادات، ومن أعظمها عبادة الدعاء، فهي صلة مباشرة بين العبد وربه، والدعاء للمريض من آكد الأعمال التي يُرجى قبولها، خاصة في أوقات الإجابة التي يزخر بها رمضان، فهو تعبير عن اليقين بقدرة الله الشافي، وتجسيد لمعاني الأخوة والتراحم بين المسلمين.

أدعية الشفاء الثابتة في السنة النبوية المطهرة

إن خير ما يُدعى به للمريض هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية جامعة للخير والبركة، ومبنية على التوحيد الخالص والتوكل على الله وحده، إليك باقة من الأدعية الصحيحة الثابتة في السنة النبوية:

• الدعاء عند زيارة المريض:كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضًا يقول:
  

  لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ.

  المصدر: صحيح البخاري،
  المعنى: هذه الكلمات تحمل بشرى للمريض بأن مرضه هذا قد يكون سببًا في تطهيره من الذنوب ورفع درجاته، مما يبعث في نفسه الأمل والرضا بقضاء الله.

• الرقية بوضع اليد على مكان الألم:يضع الداعي يده على الموضع الذي يتألم منه المريض ويقول “بسم الله” ثلاثًا، ثم يقول سبع مرات:
  

  أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ.

  المصدر: صحيح مسلم،
  الشرح: هو استعاذة كاملة بالله وقدرته من شر الألم الحاضر وما قد يترتب عليه في المستقبل، وهو تعليم نبوي يجمع بين الدعاء والتوكل.

• دعاء الكرب والمسح على المريض:كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسح بيده اليمنى على المريض ويقول:
  

  اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ البَاسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا.

  المصدر: متفق عليه (صحيح البخاري وصحيح مسلم)،
  الشرح: هذا الدعاء يتضمن إقرارًا بأن الله وحده هو رب الناس، وهو القادر على إزالة المرض، وهو الشافي الحقيقي الذي لا شفاء إلا شفاؤه التام الذي لا يترك أثرًا للمرض.

• الدعاء للمريض سبع مرات:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ، فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ:
  

  أَسْأَلُ اللَّهَ العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ.

  إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ المَرَضِ”.
  المصدر: سنن أبي داود والترمذي (حديث صحيح).

أدعية من القرآن الكريم للشفاء ورفع البلاء

القرآن الكريم هو الشفاء التام للأرواح والأبدان، وقد وردت فيه آيات كريمة على لسان الأنبياء يمكن الدعاء بها بنية الشفاء:

• دعاء نبي الله أيوب عليه السلام:
  

  …أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء: 83]

  .

• من دعاء نبي الله إبراهيم عليه السلام:
  

  وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء: 80]

  وهي آية تحمل معنى التوحيد واليقين بأن الشافي هو الله وحده.

• دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة:
  

  رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201]

  والحسنة في الدنيا تشمل العافية في البدن والرزق الواسع وغيرها من النعم.

صيغ وأدعية عامة شائعة للمريض

إلى جانب الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، يتداول الناس صيغًا أخرى للدعاء للمريض، هذه الأدعية جائزة شرعًا طالما أن معانيها صحيحة ولا تخالف العقيدة الإسلامية.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي من الأدعية العامة التي لم تثبت بنص محدد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة، وفيها الخير كله، ويجوز الدعاء بهذه الصيغ العامة على ألا يُعتقد أن لها فضلًا خاصًا أو أنها سنة متبعة.

• اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا، وَبِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، أَنْ تَمُنَّ عَلَى مَرِيضِنَا بِالشِّفَاءِ الْعَاجِلِ، وَأَلَّا تَدَعَ فِيهِ جُرْحًا إِلَّا دَاوَيْتَهُ، وَلَا أَلَمًا إِلَّا سَكَّنْتَهُ، وَلَا مَرَضًا إِلَّا شَفَيْتَهُ.
• يَا رَبِّ، يَا مَنْ تُعِيدُ لِلْمَرِيضِ صِحَّتَهُ، وَيَا مَنْ تَسْتَجِيبُ دُعَاءَ الْبَائِسِ الْيَائِسِ، نَسْأَلُكَ أَنْ تُلْبِسَ كُلَّ مَرِيضٍ ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
• اللَّهُمَّ اشْفِهِ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا، اللَّهُمَّ خُذْ بِيَدِهِ وَاحْرُسْهُ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاكْفِهِ بِرُكْنِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَاحْفَظْهُ بِعِزِّكَ الَّذِي لَا يُضَامُ، يَا كَاشِفَ الْهَمِّ وَيَا مُفَرِّجَ الْكَرْبِ.

أفضل أوقات الدعاء للمريض في رمضان

شهر رمضان كله وقت مبارك للدعاء، ولكن هناك أوقاتًا ورد التأكيد على أنها أرجى للإجابة، وينبغي تحريها للدعاء للمريض:

• عند الإفطار: فللصائم دعوة لا تُرد عند فطره، كما ورد في الحديث الحسن: “ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ” (رواه البيهقي وصححه الألباني).
• الثلث الأخير من الليل: وهو وقت النزول الإلهي، حيث ينادي الله تعالى: “هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟”.
• في السجود: فـ “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء” (رواه مسلم).
• العشر الأواخر وليلة القدر: وهي أفضل ليالي العام، والدعاء فيها له شأن عظيم، وخاصة في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

أسئلة شائعة حول الدعاء للمريض

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر