يجد الإنسان في مناجاة الله تعالى بالدعاء سكينةً وطمأنينة، خاصة عند اشتداد الكروب وتعاظم الهموم، والدعاء هو لب العبادة، وبه يظهر افتقار العبد لربه وتعلّقه به، والأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أجمع الأدعية لخيري الدنيا والآخرة وأعظمها بركة.
أدعية ثابتة في القرآن والسنة لتفريج الهموم وقضاء الحوائج
إن أفضل ما يدعو به المسلم هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ما ورد في القرآن الكريم، هذه الأدعية جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها من البركة والفضل ما يجعلها كافية وشافية بإذن الله، فيما يلي بعض من هذه الأدعية الصحيحة والموثوقة:
1، دعاء الكرب
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به عند الكرب، وهو دعاء عظيم يُظهر توحيد الله وتعظيمه.
“لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.”
المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6346، وهو حديث صحيح.
2، دعاء ذي النون (يونس عليه السلام)
وهو الدعاء الذي دعا به نبي الله يونس وهو في بطن الحوت، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما دعا به مسلم في شيء إلا استجاب الله له.
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ.”
المصدر: سورة الأنبياء، الآية 87.
3، دعاء تفريج الهم
من الأدعية النبوية المأثورة التي يُرجى بها تفريج الهموم وإصلاح الأحوال.
“اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.”
المصدر: سنن أبي داود، حديث رقم 5090، حسنه الألباني.
4، الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة
هذا الدعاء من القرآن الكريم هو من أجمع الأدعية، حيث يسأل العبد ربه الحسنة في الدنيا (وتشمل كل خير) والحسنة في الآخرة (وهي الجنة والنجاة من النار).
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.”
المصدر: سورة البقرة، الآية 201.
أمثلة على صيغ دعاء عامة ومنتشرة
يتداول الناس العديد من صيغ الدعاء التي تحمل معاني طيبة وتُعبّر عن حاجة العبد لربه، ورغم أن هذه الصيغ لم ترد بنصها في السنة النبوية، إلا أن الدعاء بها جائز طالما أن معناها صحيح ولا يخالف العقيدة الإسلامية، إليك بعض الأمثلة على هذه الأدعية العامة:
- اللهم يا كاشف الضر ومفرج الهموم، اجعل قلبي مطمئنًا برضاك وانزل على صدري برد السلام، وارفع عني كل كربة وثقل، وامنحني فرحة تتسع لها نفسي وتسعد بها روحي..
- يا رب الكرم والفضل، يا من تفك العقد وترفع المحن، أزل همي وأحبِب لي قلوب عبادك، وفرّج لي أموري واقضِ لي حوائجي فإنك على كل شيء قدير..
- إليك أرفع دعائي يا الله، أسألك أن تسدد خطاي، وتسهل أموري وتبارك لي في رزقي، وأن تجعل ذكرك في حياتي نورًا يهدي قلبي ويرشدني إلى الصواب..
- يا مغيث المستغيثين، اكشف عني ضيق الدنيا والآخرة، واغمرني برحمتك وفرج عني كل بلاء وسخر لي ما يجعل دربي ميسرًا، واملأ قلبي بذكرك وشكرك..
- اللهم يا مجيب الدعاء، يا مفرج الكروب، يا عالمًا بحالي، اشملني بعطفك ورحمتك وتلطف بحالي، وابعد عني الهموم واملأ حياتي بالراحة والطمأنينة يا أكرم الأكرمين..
- اللهم اجعل القرآن الكريم سكينة لقلبي ودواء لروحي ومصدر طمأنينة لنفسي، وأضئ دربي بهدايتك، واغمرني برزقك الواسع..
تنبيه هام وإخلاء مسؤولية
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة.
ما حكم الدعاء بصيغ غير ثابتة؟
أجمع أهل العلم على جواز دعاء المسلم ربه بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، وبأي صيغة كانت، ما لم تتضمن إثمًا أو قطيعة رحم أو اعتداءً في الدعاء، ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا، لأنها من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أسلم من الخطأ وأقرب للإجابة.
دعاء قصير لخيري الدنيا والآخرة
الأدعية القصيرة سهلة الحفظ والتكرار في كل وقت، وهي وسيلة عظيمة لدوام الصلة بالله، من الأدعية النبوية الجامعة في هذا الباب:
- دعاء ثابت في السنة:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ.”
(صحيح البخاري، 2893).
- من الأدعية العامة: يا رب، فوضت أمري إليك وتوكلت عليك، فيسر لي حياتي، ولا تجعل الدنيا أكبر همي، ولا مبلغ علمي..
- من الأدعية العامة: اللهم بك آمنت وعليك توكلت، أسألك خير الدنيا وخير الآخرة، وخير القضاء، وأعوذ بك من شر الدنيا وشر الآخرة، وشر القضاء..
- من الأدعية العامة: يا رب، اجعلني من المقبولين عندك، ووفقني لما تحبه وترضاه، واغفر لي ذنوبي، وتجاوز عن زلاتي، وتقبل توبتي يا أرحم الراحمين..
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة البقرة، الآية 201.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6346، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 2893، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 5090، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل وقت للدعاء لتفريج الكروب؟
الدعاء مشروع في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة.
هل يجب أن أدعو بالأدعية المأثورة فقط؟
لا يجب ذلك، فيجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من حاجاته بأسلوبه الخاص، ما دام المعنى صحيحًا، لكن الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا.
ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة غير الثابتة؟
البديل الصحيح والأكمل هو الأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل “دعاء الكرب” ودعاء “ذي النون” المذكورين في هذا المقال، فهي كافية وشافية بإذن الله.
إن الإلحاح في الدعاء واليقين بالإجابة من أعظم أسباب تفريج الكروب، فتوجهوا إلى الله بقلوب خاشعة، مستحضرين عظمته وقدرته، فهو سبحانه القادر على تبديل الحال إلى أحسنه، شاركونا في التعليقات بأي استفسارات لديكم.



