دعاء الإمام زين العابدين اللهم إني أمسيت

يُعد الإمام علي بن الحسين، المعروف بلقب “زين العابدين”، من أعلام آل البيت وعلمائهم، وقد عُرِف بعبادته وزهده وكثرة تضرعه إلى الله تعالى، يُنسب إليه العديد من الأدعية التي يتناقلها الناس، ومنها دعاء يُعرف بـ “اللهم إني أمسيت”، يهدف هذا المقال إلى تقديم نظرة شاملة وموثوقة حول هذه الأدعية، مع التمييز بين ما هو ثابت بالأدلة الشرعية وما هو شائع ومنتشر، التزامًا بمنهج الدقة والموثوقية.

الأدعية الثابتة من السنة النبوية عند المساء

قبل الخوض في الصيغ المنسوبة للإمام زين العابدين، من الأهمية بمكان التذكير بأن السنة النبوية الشريفة غنية بالأذكار والأدعية الصحيحة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها، وهي تمثل الأصل والأساس في هذا الباب، ومن أذكار المساء الصحيحة:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلّم أصحابه يقول: “إذا أصبح أحدكم فليقل: اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور، وإذا أمسى فليقل:

    اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ أَصْبَحْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ

    “، (رواه الترمذي، حديث حسن).

  • عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال:

    أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى المُلْكُ لِلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما في هذِه اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ ما بَعْدَهَا، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما في هذِه اللَّيْلَةِ وَشَرِّ ما بَعْدَهَا، رَبِّ أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ وَسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أَعُوذُ بكَ مِن عَذَابٍ في النَّارِ وَعَذَابٍ في القَبْرِ

    “، (رواه مسلم).

صيغ شائعة تُنسب للإمام زين العابدين

يتداول بعض الناس أدعية وصيغًا ينسبونها إلى الإمام زين العابدين رحمه الله، ومن أشهر هذه الصيغ ما يُقال عند المساء، من المهم عرض هذه الصيغ كما هي منتشرة، مع التنبيه على حكمها ومصدرها.

الصيغة الأولى المنتشرة:

“اللَّهُمَّ إِنِّي أَمْسَيْتُ لَكَ عَبْدًا دَاخِرًا، لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، وَلَا أَصْرِفُ عَنْهَا السُّوءَ، اللَّهُمَّ أَشْهَدُ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِي، وَأَعْتَرِفُ لَكَ بِقِلَّةِ حِيلَتِي وَضَعْفِ قُوَّتِي.”

صيغ أخرى منسوبة إليه:

“اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي أَنَا وَجَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ مِنَ الْمَغْفِرَةِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، اللَّهُمَّ أَتْمِمْ عَلَيَّ مَا آتَيْتَنِي، فَإِنِّي عَبْدُكَ الْمِسْكِينُ الْمُسْتَكِينُ، الضَّعِيفُ الْفَقِيرُ الْمَهِينُ.”

صيغ أدعية منسوبة للإمام زين العابدين رحمه الله

تنبيه هام وحكم هذه الأدعية

تنبيه وإخلاء مسؤولية: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس وتوجد في بعض الكتب المتأخرة، ولكنها لم تثبت بسند صحيح متصل عن الإمام زين العابدين رحمه الله في كتب السنة المعتمدة، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ففيهما الكفاية والبركة والخير العظيم، ولا حرج في أن يدعو المسلم بأدعية من عنده بمعانٍ طيبة لا تخالف الشرع، ولكن نسبة دعاء معين إلى شخص بعينه دون دليل صحيح هو أمر يتطلب التثبت.

أدعية مأثورة عن السلف الصالح

أدعية عامة بمعانٍ مأثورة

كان الإمام زين العابدين معروفًا بكثرة تضرعه وعبادته، وقد نُقلت عنه معانٍ دعائية عظيمة تعبر عن الخشوع والتذلل لله تعالى، يمكن للمسلم أن يدعو بهذه المعاني دون نسبتها كنص ثابت، من هذه المعاني:

  • الدعاء بالافتقار إلى الله: “إِلَهِي، فَضْلُكَ آنَسَنِي، وَإِحْسَانُكَ دَلَّنِي، فَأَسْأَلُكَ بِكَ وَبِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ -صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِمْ- أَلَّا تَرُدَّنِي خَائِبًا.”.
  • طلب الإخلاص واليقين: “اللَّهُمَّ اجْعَلْ قَنَاعَتِي فِي نَفْسِي، وَإِخْلَاصِي فِي عَمَلِي، وَثَبِّتِ الْيَقِينَ فِي قَلْبِي.”.
  • طلب الخشية الصادقة: “اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ، وَأَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ، وَلَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ.”.
  • التسليم للقضاء والقدر: “وَبَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ حَتَّى لَا أُحِبَّ تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ، وَلَا تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ.”.
  • تطهير القلب من أمراضه: “اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنَ الْكِبْرِ، وَوَفِّقْنِي لِلْإِخْلَاصِ فِي عِبَادَتِكَ، وَاحْفَظْنِي مِنَ الرِّيَاءِ.”.

نبذة عن سيرة الإمام زين العابدين

نبذة عن الإمام علي زين العابدين

الإمام زين العابدين هو أحد أبرز الشخصيات من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، عُرف بالعلم والعبادة والزهد، وله مكانة عظيمة في التاريخ الإسلامي، فيما يلي نبذة موجزة عن سيرته:

  • الاسم الكامل: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي.
  • الميلاد: وُلد في المدينة المنورة، وتشير أغلب المصادر إلى أن ولادته كانت في حدود عام 38هـ.
  • ألقابه: اشتهر بألقاب عديدة تدل على مكانته، منها: “زين العابدين”، و”السَّجَّاد” لكثرة سجوده وعبادته، و”ذو الثَّفِنات” لما كان يظهر على مواضع سجوده من أثر.
  • مكانته العلمية: يُعد من فقهاء التابعين الكبار في المدينة، وروى الحديث عن أبيه الحسين وجابر بن عبد الله وابن عباس وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم.
  • وفاته: توفي رحمه الله في المدينة المنورة عام 95هـ ودُفن في البقيع.
  • من أبرز الأحداث في حياته: شهد واقعة كربلاء التي استُشهد فيها والده الإمام الحسين رضي الله عنه، وكان مريضًا في ذلك الوقت مما حال دون مشاركته في القتال، فكان الناجي من ذرية الحسين في تلك الحادثة.

معلومات عن حياة الإمام زين العابدين رحمه الله

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

هل دعاء “اللهم إني أمسيت لك عبدًا داخرًا” صحيح وثابت؟

هذه الصيغة لم تثبت بسند صحيح في كتب السنة المعتمدة عن الإمام زين العابدين أو غيره، والأفضل هو الالتزام بالأدعية المأثورة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ما هو أفضل ما يقال في المساء؟

أفضل ما يقال في المساء هو ما ورد في السنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء “اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا…” وحديث “أمسينا وأمسى الملك لله…”، بالإضافة إلى قراءة آية الكرسي والمعوذتين.

من هو الإمام زين العابدين؟

هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، حفيد النبي صلى الله عليه وسلم، يُعد من سادات التابعين وعلمائهم، واشتهر بعبادته وزهده وعلمه، وهو الإمام الرابع عند الشيعة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات