الإيمان بالله -عز وجل- هو أعظم نعمة وركيزة أساسية في حياة المسلم، فهو مصدر الطمأنينة والسكينة، والدافع لأداء العبادات التي تقربه من خالقه، ويسعى المؤمن دائمًا لتقوية إيمانه من خلال الطاعات، ومجالسة الصالحين، والابتعاد عن الفتن، والإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله بطلب الثبات على الدين، وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أدعية مباركة تعين المسلم على تحقيق هذه الغاية العظيمة.
أدعية ثابتة من القرآن والسنة لزيادة الإيمان والثبات
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة، ومن أعظم ما يدعو به المسلم لتقوية إيمانه وثبات قلبه:
1، دعاء “ربنا لا تزغ قلوبنا” من القرآن الكريم
يُعد هذا الدعاء من الأدعية القرآنية العظيمة التي يتضرع بها العبد إلى ربه سائلاً الثبات على الهداية، فمهما بلغت درجة علم الإنسان وعبادته، يبقى في حاجة دائمة إلى عون الله ورحمته حتى لا يزيغ قلبه عن الحق.
“رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”
المصدر: [آل عمران: 8].
2، دعاء “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك”
هذا الدعاء كان من أكثر أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، مما يوضح أهميته القصوى وشدة حاجة العبد إليه في كل وقت وحين، فالقلوب بين يدي الرحمن يقلبها كيف يشاء.
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كانَ أَكْثرُ دعاءِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا كانَ عندَكِ؟ قالت: كانَ أَكْثرُ دعائِهِ:
“يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ”
قالت: فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ ما أكثرُ دعاءكَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ؟ قالَ: “يا أمَّ سلمةَ إنَّهُ لَيسَ آدميٌّ إلَّا وقلبُهُ بينَ أصبُعَيْنِ من أصابعِ اللَّهِ فمَن شاءَ أقامَ، ومن شاءَ أزاغَ”.
المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن.
3، دعاء “اللهم إني أسألك الهدى والتقى”
دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة، حيث يسأل فيه العبد ربه الهداية إلى الطريق المستقيم، والتقوى التي تحجزه عن المحرمات، والعفاف الذي يحفظ جوارحه، والغنى بالله عن خلقه.
“اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى”
المصدر: صحيح مسلم، حديث صحيح.
صيغ وأدعية عامة لتقوية الإيمان
بالإضافة إلى الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ طيبة لا تخالف الشرع، يسأل فيها ربه تقوية إيمانه ويقينه، وهذه بعض الأمثلة:
- اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَهْوَاءِ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ.
- يَا رَبِّ، قَوِّ إِيمَانِي، وَثَبِّتْنِي عَلَى طَاعَتِكَ، وَذَكِّرْنِي إِذَا نَسِيتُ، وَارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ الْوَاسِعَةِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- اللَّهُمَّ جَدِّدِ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِي، وَأَنِرْ بَصِيرَتِي، وَاجْعَلْنِي لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ شَاكِرًا، إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا.
- يَا رَبِّ، لَا تَجْعَلْنِي مِنَ الْغَافِلِينَ، وَوَفِّقْنِي لِكُلِّ طَرِيقٍ يُقَرِّبُنِي مِنْكَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
أدعية قصيرة لزيادة اليقين وحسن الظن بالله
حسن الظن بالله من صميم الإيمان، وهو عبادة قلبية عظيمة، وهذه أدعية تعين على ترسيخ هذا المعنى في القلب:
- يَا رَبِّ، أَنْتَ وَحْدَكَ تَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِي، فَاجْعَلْ لِي نَصِيبًا مِنَ الْيَقِينِ الَّذِي يَمْلَأُ رُوحِي طُمَأْنِينَةً، وَأَبْعِدْ عَنِّي كُلَّ شَكٍّ، وَارْزُقْنِي حُسْنَ الظَّنِّ بِكَ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ سَعَادَتِي فِي الْقُرْبِ مِنْكَ، وَامْلَأْ قَلْبِي بِالرِّضَا، وَارْزُقْنِي رَاحَةَ الْبَالِ وَالسَّكِينَةَ فِي كُلِّ أَيَّامِي.
- يَا اللَّهُ، أَنْتَ حَسْبِي فِي كُلِّ أَمْرٍ، تَوَلَّنِي بِرَحْمَتِكَ، فَلَا أَضِلُّ وَلَا أَشْقَى.
- يَا رَبِّ، دَبِّرْ لِي أَمْرِي فَإِنِّي لَا أُحْسِنُ التَّدْبِيرَ، وَاخْتَرْ لِي فَإِنِّي لَا أُحْسِنُ الِاخْتِيَارَ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا.
- يَا رَبِّ، اجْعَلْ حُسْنَ ظَنِّي بِكَ مِفْتَاحًا لِكُلِّ خَيْرٍ، وَمِغْلَاقًا لِكُلِّ شَرٍّ.
إن المداومة على ذكر الله والدعاء من أعظم أسباب زيادة الإيمان وتقوية الصلة بين العبد وربه، فالدعاء هو العبادة، وهو السلاح الذي يجدد الرجاء في رحمة الله، ويزرع في القلب السكينة والثبات على الحق.
المصادر والمراجع
- سورة آل عمران، الآية 8.
- سنن الترمذي، حديث رقم 3522، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2721، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول أدعية زيادة الإيمان
ما هو أفضل دعاء لزيادة الإيمان والثبات على الدين؟
من أفضل الأدعية وأكثرها أثراً دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ”، ودعاء القرآن الكريم: “رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا”، وذلك لورودهما في مصادر التشريع الأساسية ولأنهما يعالجان أصل القضية وهو ثبات القلب الذي هو محل الإيمان.
هل يجوز الدعاء بصيغ لم ترد في السنة النبوية؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، الأدعية العامة التي تحمل معاني طيبة جائزة، لكن الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة لأنها أجمع للخير وأبعد عن الخطأ وأعظم في البركة.
ما هي أفضل الأوقات للدعاء؟
هناك أوقات وأحوال عديدة يُرجى فيها إجابة الدعاء، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، وفي حال الصيام.


