إن السعي في طلب العلم وتحصيله من أعظم القربات، وهو سبيل النجاح في الدنيا والآخرة، ويجتهد الطالب وأسرته، وخاصة الوالدين، في بذل كل ما في وسعهم لدعم مسيرته التعليمية، إدراكًا منهم للدور المحوري الذي يلعبه العلم في بناء مستقبل الأبناء، ويجمع الطالب الموفّق بين الأخذ بالأسباب المادية من جد واجتهاد ومثابرة، وبين التوكل على الله سبحانه واللجوء إليه بالدعاء، فهو سبحانه مسبب الأسباب ومُعين الطالبين.
وفي هذا المقال، نستعرض مجموعة من الأدعية الصحيحة والمأثورة التي تعين طالب العلم، مع بيان مصادرها الشرعية، ونسلط الضوء على بعض الصيغ العامة، مع التنبيه على أهمية التمسك بما ورد في الكتاب والسنة.
أدعية ثابتة من القرآن والسنة لطلب العلم والتوفيق
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي دعا بها الأنبياء والصالحون، ومن هذه الأدعية:
1، دعاء لزيادة العلم
هو دعاء قرآني عظيم، وأمرٌ من الله لنبيه ﷺ بطلب الزيادة من العلم.
“وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا”
المصدر: سورة طه، الآية 114.
2، دعاء لطلب العلم النافع
كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله العلم الذي ينتفع به في دينه ودنياه.
“اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَزِدْنِي عِلْمًا”
المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3599، درجة الحديث: حديث حسن.
3، دعاء لتيسير الأمور الصعبة
هذا الدعاء من أنفع الأدعية عند استصعاب المواد الدراسية أو مواجهة تحديات في الفهم والحفظ.
“اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ مَا جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلاً”
المصدر: صحيح ابن حبان، حديث رقم 974، درجة الحديث: حديث صحيح.
صيغ وأدعية عامة للتوفيق في الدراسة
يتداول الناس بعض صيغ الدعاء العامة التي تحمل معانٍ طيبة، ويمكن الدعاء بها لعموم معانيها الحسنة، مع اليقين بأنها لم ترد بلفظها عن النبي ﷺ، ومن أمثلة ذلك:
- اللَّهُمَّ افْتَحْ عَلَيَّ فُتُوحَ الْعَارِفِينَ بِحِكْمَتِكَ، وَانْشُرْ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ، وَذَكِّرْنِي مَا نَسِيتُ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ.
- يَا رَبِّ، اجْعَلِ التَّوْفِيقَ حَلِيفِي وَالنَّجَاحَ نُصْبَ عَيْنَيَّ، وَسَهِّلْ لِي كُلَّ عَسِيرٍ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَهْمَ النَّبِيِّينَ، وَحِفْظَ الْمُرْسَلِينَ، وَإِلْهَامَ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ.
- أَسْأَلُكَ يَا رَبِّ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَى أَنْ تَرْزُقَنِي الْفَلاحَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
تنبيه وإخلاء مسؤولية
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وتجمع خيري الدنيا والآخرة، ويجوز الدعاء بأدعية لم ترد ما دامت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع.
فضل طلب العلم في السنة النبوية الشريفة
بيّن النبي صلى الله عليه وسلم المكانة العظيمة لطالب العلم، وكيف أن السعي في هذا الطريق هو من أفضل القربات التي ترفع الدرجات وتوصل إلى الجنة، إذ قال:
“مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طريقًا إلى الجنَّةِ”
المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 2699.
يبرز هذا الحديث الشريف مكانة العلم كطريق مباشر لرضا الله وجنته، فطالب العلم يُحتفى به في السماوات والأرض، حيث تستغفر له الكائنات، وتضع له الملائكة أجنحتها رضًا بما يصنع، وهذا يدل على رفعة رسالته التي تهدف إلى إزالة الجهل ونشر النور والهداية.
أهمية العلم في بناء الفرد والمجتمع
يُعد طلب العلم ركنًا أساسيًا في بناء المجتمعات المتقدمة وركيزة لتشكيل الهوية الثقافية والحضارية، فالعلم يمكّن الفرد من تحقيق نمو فكري ومعرفي، ويوسع آفاقه لمواجهة تحديات الحياة بثقة واقتدار.
- على مستوى الفرد: يكتسب الفرد ثقة بنفسه، ويعزز مكانته المهنية والاجتماعية، ويصبح قادرًا على اتخاذ قرارات حكيمة مبنية على المعرفة.
- على مستوى المجتمع: يمثل العلم دعامة أساسية لتطور البنية التحتية، ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وإيجاد حلول مستدامة للأزمات.
- على المستوى الاقتصادي: تساهم الدول التي تستثمر في البحث العلمي والابتكار في تحقيق قفزات نوعية في الإنتاج، مما يعزز اقتصادها الوطني ويقربها من تحقيق الاكتفاء الذاتي.
- تحقيق السلام والاستقرار: المجتمعات المتعلمة التي تملك وعيًا عميقًا وقدرة على التحليل تكون أقدر على حل نزاعاتها وتحقيق السلم المجتمعي، مما يعزز قوة الدولة ومكانتها بين الأمم.
المصادر والمراجع
- سورة طه، الآية 114.
- سنن الترمذي، حديث رقم 3599، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح ابن حبان، حديث رقم 974، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2699، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء للمذاكرة وتيسير الامتحانات؟
من أفضل الأدعية وأجمعها ما ثبت في السنة النبوية، مثل: “اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ مَا جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلاً”، فهو دعاء شامل لتيسير كل أمر عسير، بما في ذلك المذاكرة والامتحانات.
هل هناك دعاء مخصص ليلة الامتحان؟
لم يرد في السنة النبوية دعاء مخصص بلفظه لليلة الامتحان، ولكن يمكن للطالب أن يدعو بالأدعية العامة لطلب التوفيق وتيسير الأمور، وأن يسأل الله من خيري الدنيا والآخرة، مع التركيز على الدعاء بالعلم النافع والفهم الصحيح.
ما حكم الأدعية المنتشرة التي لم ترد في السنة؟
يجوز الدعاء بصيغ لم ترد في السنة بشرطين: الأول، أن تكون معانيها صحيحة ولا تتعارض مع العقيدة الإسلامية، الثاني، ألا يعتقد الداعي أنها سنة عن النبي ﷺ أو أن لها فضلًا خاصًا مرتبطًا بلفظها، والأفضل دائمًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.


جزاكم الله خير