يواجه الإنسان في مسيرة حياته أصنافًا من الناس، فمنهم الصالح ومنهم من قد يكون مصدر أذى أو ضيق، وفي مواجهة من يُخشى شره أو يُرهَق التعامل معه، يجد المؤمن في الدعاء ملجأً حصينًا وسلاحًا متينًا، فهو يناجي ربه الذي بيده تصريف الأمور كلها، طالبًا منه الحماية والكفاية ودفع السوء، إن اللجوء إلى الله تعالى ليس وسيلة لتمني الضرر للآخرين، بل هو طلب للحفظ والسلامة وصرف الأذى عن النفس.
وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أدعية جامعة ومباركة، تُعد من أقوى ما يستعين به المسلم لتحصين نفسه وطلب العون من الله لدفع كل مكروه.
أدعية صحيحة ثابتة لدفع الأذى وطلب الحماية
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها الكفاية والبركة، ومن هذه الأدعية:
- دعاء الكرب والهم: وهو من أعظم الأدعية لتفريج الهموم ودفع ما يؤذي النفس.
 “اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي.” المصدر: مسند الإمام أحمد، وصححه الألباني، يُرجى لمن دعا به بصدق أن يُذهب الله همه ويُبدله فرجًا. 
- دعاء نبي الله يونس عليه السلام: وهو دعاء عظيم لتفريج الكروب.
 “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87]. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ” (المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن صحيح). 
- دعاء الحماية والكفاية من شر الناس:كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خاف قومًا قال:
 “اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ.” المصدر: سنن أبي داود، حديث صحيح. 
- الاستعاذة بالله من الشرور:ومن أعظم ما يحصّن به المسلم نفسه قراءة المعوذتين (سورتي الفلق والناس)، فقد قال عنهما النبي صلى الله عليه وسلم:
 “مَا سَأَلَ سَائِلٌ بِمِثْلِهِمَا، وَلَا اسْتَعَاذَ مُسْتَعِيذٌ بِمِثْلِهِمَا.” (المصدر: سنن النسائي، حديث صحيح). 
صيغ وأدعية عامة شائعة
يتداول بعض الناس صيغًا للدعاء لم ترد بلفظها في السنة النبوية، ولكن معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، يمكن الدعاء بها على سبيل العموم، مع اليقين بأن الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الأفضل والأكمل، ومن أمثلة هذه الصيغ العامة:
- “اللهم اصرف عني من يُرِيد بي سوءًا، واكفني شر من يضمر لي الضر، وارحمني برحمتك الواسعة، وأحطني بعين رعايتك.”.
- “اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم، ويا مجيب دعوة المضطرين، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ارحمني رحمة من عندك تغنيني بها عن رحمة من سواك.”.
- “اللهم رد كيد من يكيد لي في نحره، وابعد شره عني، وسخر لي من عبادك من يكون لي عونًا وسندًا، واحفظني بحفظك يا أرحم الراحمين.”.
- “اللهم اجعل لي سورًا من لطفك يحول بيني وبين ما يؤذيني ومن يعتدي عليّ.”.
تنبيه هام وحكم تخصيص أدعية لإبعاد الأشخاص
تنبيه هام: الصيغ المذكورة أعلاه، وغيرها مما ينتشر بين الناس تحت مسمى “دعاء لإبعاد شخص معين”، هي في معظمها صيغ اجتهادية أو من الأدعية العامة، لم يثبت في السنة النبوية دعاء مخصص بلفظ معين لإبعاد شخص بعينه.
الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير، فالمشروع للمسلم هو أن يدعو بالأدعية العامة لطلب الحماية والكفاية من الشرور كلها، وهذا يشمل شر الأشخاص المؤذين.
أدعية جامعة لدفع الأذى وشرور الناس
التوكل على الله واللجوء إليه هو أعظم ما يقي المسلم من الشرور، فالله تعالى هو الحامي والناصر، وهو القادر وحده على دفع الأذى وكف أيدي المعتدين، ومن الأدعية الجامعة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها في كل وقت لطلب الحفظ والرعاية:
- دعاء للاستكفاء بالله من شر خلقه: يمكن للمسلم أن يلجأ إلى الله تعالى طالبًا كفايته من كل ما يهمه، ومن ذلك الاستعانة بآيات القرآن الكريم على سبيل الدعاء والثناء، كقوله تعالى:
 “فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” [البقرة: 137]. يمكن الدعاء بهذه الصيغة: “اللهم اكفني شر فلان بما شئت، فإنك أنت السميع العليم.”. 
- من الأدعية العامة المأثورة:“اللهم يا حسيب يا كافي، اكفني كل ما أهمني وما لا أهتم به، اللهم زودني بالتقوى، واغفر لي ذنبي، ووجهني للخير أينما توجهت.”.
- الدعاء باسم الله الأعظم:من الأدعية المأثورة التي يُرجى فيها الإجابة:
 “بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن صحيح، (يُقال ثلاث مرات صباحًا ومساءً للحفظ من كل ضرر). 
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة البقرة، الآية 137.
- حديث “اللهم إني عبدك…”، مسند الإمام أحمد، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث دعاء يونس عليه السلام، سنن الترمذي، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “اللهم إنا نجعلك في نحورهم”، سنن أبي داود، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث فضل المعوذتين، سنن النسائي، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “بسم الله الذي لا يضر…”، سنن الترمذي، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
س: هل توجد سورة معينة في القرآن لإبعاد شخص مؤذٍ؟
ج: لم يثبت في الشرع تخصيص سورة معينة لهذا الغرض، ولكن القرآن كله شفاء وهدى، وقراءة السور التي فيها طلب الحماية واللجوء إلى الله، مثل المعوذتين (الفلق والناس) وآية الكرسي، من أعظم أسباب الحفظ والوقاية من كل شر بإذن الله.
س: ما هو أفضل دعاء لطلب الحماية من شخص يزعجني؟
ج: أفضل الأدعية هي ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: “اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ”، ودعاء: “اللهم اكفنيهم بما شئت”، هذه الأدعية جامعة وتطلب من الله الكفاية والحماية من شرهم بشكل عام.
س: هل يجوز الدعاء على شخص ألحق بي الأذى؟
ج: يجوز للمظلوم أن يدعو على من ظلمه بقدر مظلمته، ولكن العفو والصفح والدعاء له بالهداية هو الأفضل وأعظم أجرًا عند الله، والأولى دائمًا هو الدعاء بطلب الحماية من شره، لا الدعاء عليه بالهلاك أو السوء.
 
		
