يُعد جبر الخواطر من أسمى الأخلاق في الإسلام، وهو سلوك يعكس الرحمة والتعاطف، ويبث الطمأنينة في القلوب المنكسرة، والدعاء هو أعظم وسيلة يمكن للمسلم أن يقدمها لنفسه أو لغيره، فهو لجوء إلى الله “الجبّار” الذي يجبر كسر عباده ويرفع عنهم البلاء، إن الكلمة الطيبة والدعوة الصادقة قد تكون سبباً في تفريج كرب، وتيسير عسير، ومداواة جروح لا تُرى.

أدعية مأثورة من القرآن والسنة لجبر الخاطر وتفريج الكرب

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية هي الأجمع للخير والأعظم بركة، ومنها ما يناسب مقام طلب جبر القلب وتفريج الهم:

• دعاء نبي الله موسى عليه السلام لطلب شرح الصدر وتيسير الأمر: وهو من أنفع الأدعية لطلب العون من الله قبل مواجهة المصاعب.
  

  “قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)” [طه: 25-28].

  .

• دعاء نبي الله يونس عليه السلام في بطن الحوت: وهو دعاء عظيم لتفريج الكروب، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما دعا به مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.
  

  “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87].

  .

• دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لإذهاب الهم والحزن: وهو من الأدعية النبوية الصحيحة التي تُعين المسلم على تخطي الصعاب النفسية.
  

  “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”، (صحيح البخاري)

  .

• الدعاء باسم الله الأعظم لتفريج الكروب: ورد في السنة أن الدعاء بهذا الذكر من أسباب الإجابة.
  

  “يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ”، (حديث حسن، رواه النسائي والحاكم)

  .

صيغ وأدعية عامة لجبر الخواطر

تنبيه هام: الأدعية التالية هي من الصيغ العامة التي يتداولها الناس، ومعانيها طيبة ولا تخالف الشرع، يجوز الدعاء بها وبمثلها، ولكنها لم تثبت بنص محدد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، ويبقى الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.

• اللَّهُمَّ اجْبُرْ خَاطِرِي جَبْرًا أَنْتَ وَلِيُّهُ، فَإِنَّهُ لَا يُعْجِزُكَ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، رَبِّي اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَأَرِحْ قَلْبِي وَأَزِحْ مِنْ قَلْبِي كُلَّ خَوْفٍ يَسْكُنُنِي وَكُلَّ ضَعْفٍ يَكْسِرُنِي وَكُلَّ أَمْرٍ يُبْكِينِي، وَلَا تَفْجَعْنِي فِي مُسْتَقْبَلِي وَلَا فِي نَفْسِي وَلَا فِي بَاقِي أَهْلِي وَلَا تُعَسِّرْ أَمْرِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابِي الْمُغْلَقَةَ.
• يَا رَبِّ، خَفِّفْ عَنْ أَحْبَابِي كُلَّ مَشَقَّةٍ، وَأَزِلْ عَنْهُمْ كُلَّ كَرْبٍ، وَيَسِّرْ لَهُمْ كُلَّ عَسِيرٍ، وَأَغْنِهِمْ بِكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ عَنْ كُلِّ ضِيقٍ يَمُرُّ بِهِمْ، وَامْلَأْ حَيَاتَهُمْ بِالسَّلَامِ وَالْخَيْرَاتِ وَاجْبُرْهُمْ عَنْ كُلِّ أَلَمٍ شَعَرُوا بِهِ.
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ كَسْرِ الْقَلْبِ، وَمِنْ قَهْرِ الْحَاجَةِ، وَمِنَ الْعَجْزِ وَالْخِذْلَانِ، اللَّهُمَّ اجْبُرْنِي جَبْرًا يَلِيقُ بِكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ، وَاكْفِنِي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، لَا تُحْوِجْنِي إِلَّا إِلَيْكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ يَا وَاسِعَ الْفَضْلِ وَالْعَطَاءِ.
• يَا اللهُ يَا نُورَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، اسْتُرْنَا بِسِتْرِكَ وَاغْمُرْنَا بِرَحْمَتِكَ، وَاجْعَلْ أَيَّامَنَا مَلِيئَةً بِالنُّورِ وَالْبَرَكَةِ، اغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا، وَأَبْدِلْ أَحْزَانَنَا رَاحَةً وَسَعَادَةً تُغْنِينَا عَنْ كُلِّ هَمٍّ وَكَرْبٍ.
• رَبِّي وَكَّلْتُكَ أَمْرِي فَدَبِّرْ لِي أُمُورِي، لَا تَكِلْنِي لِنَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، اللَّهُمَّ فَوَّضْتُ لَكَ أَمْرِي كُلَّهُ فَاجْعَلْ لِي فِي كُلِّ أَمْرٍ فَرَجًا، وَفِي كُلِّ هَمٍّ مَخْرَجًا، اجْبُرْنِي جَبْرًا أَنْتَ أَهْلُهُ وَكَافِئْنِي بِعَطَاءٍ يَلِيقُ بِجُودِكَ.

ما حكم الدعاء بصيغ غير مأثورة؟

أجمع العلماء على أن الدعاء عبادة، والأصل فيها التوقيف (أي الالتزام بما ورد في النصوص الشرعية)، ومع ذلك، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ وأدعية، بشرطين أساسيين:

1. أن يكون معنى الدعاء صحيحًا: لا يحتوي على شرك أو اعتداء في الدعاء أو مخالفة للشرع.
2. ألا يُعتقد أن لهذه الصيغة فضلًا خاصًا أو أنها سنة: فلا ينسبها للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يخصص لها وقتًا أو عددًا أو مكانًا لم يرد به دليل.

والأفضل دائمًا هو الحرص على الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها من البركة والفضل ما ليس في غيرها.

دعاء لمواساة صديق وتخفيف آلامه

الدعاء بظهر الغيب من أعظم الهدايا وأصدقها، وهو دليل على المحبة الخالصة، يمكنك الدعاء لصديقك بما ورد في السنة، أو بأدعية عامة تحمل معاني المواساة والدعم:

• الدعاء النبوي للمريض: إذا كان صديقك مريضًا، فمن السنة أن تقول:
  

  “أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ”، (حديث صحيح، رواه أبو داود والترمذي)

  .

• أدعية عامة للمواساة:
  • اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ الْعُلَا، أَنْ تُغَمِّرَ قَلْبَ صَدِيقِي بِرَحْمَتِكَ، وَتَغْفِرَ لَهُ ذَنْبَهُ، وَتَسْتُرَ عَيْبَهُ، وَتَجْبُرَ كَسْرَهُ، وَأَلَّا تَجْعَلْ لَهُ حَاجَةً عِنْدَ أَحَدٍ سِوَاكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ.
  • يَا اللهُ يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَيَا مُفَرِّجَ الْكَرْبِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُزِيلَ عَنْهُ الْهَمَّ وَتُذْهِبَ عَنْهُ الْغَمَّ، وَتَجْبُرَ قَلْبَهُ بِعَظِيمِ فَضْلِكَ، وَتَرْزُقَهُ السَّعَادَةَ الَّتِي تَشْرَحُ صَدْرَهُ.
  • اللَّهُمَّ كُنْ لَهُ وَلِيًّا وَنَصِيرًا، وَادْفَعْ عَنْهُ كُلَّ سُوءٍ، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَأَفْرِحْ قَلْبَهُ بِرَحْمَتِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

دعاء قصير لجبر الخواطر

قد تكون الكلمات القليلة الصادقة أبلغ ما يكون في الدعاء، وهذه بعض الأدعية القصيرة التي تحمل معاني عظيمة في طلب الجبر من الله:

• اللَّهُمَّ اجْبُرْنِي جَبْرًا يَتَعَجَّبُ مِنْهُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
• يَا رَبِّ، لَا تَجْعَلْ حَاجَتِي عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.
• اللَّهُمَّ يَا وَلِيَّ الصَّابِرِينَ، عَوِّضْنِي خَيْرًا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ انْكَسَرَ فِي نَفْسِي.
• رَبِّ لَا تَكِلْنِي إِلَى أَحَدٍ، وَلَا تُحْوِجْنِي إِلَى أَحَدٍ، وَأَغْنِنِي عَنْ كُلِّ أَحَدٍ.
• اللَّهُمَّ يَا جَبَّارُ، اجْبُرْ كُلَّ قَلْبٍ حَزِينٍ، وَفَرِّجْ كَرْبَ كُلِّ مَكْرُوبٍ.

صور ومنشورات أدعية لجبر الخواطر

تُعد مشاركة صور الأدعية عبر منصات التواصل الاجتماعي وسيلة لنشر الخير وتذكير الآخرين باللجوء إلى الله تعالى، خاصة تلك التي تحمل دعوات صادقة بجبر الخواطر وتيسير الأمور، فهي تزرع الأمل وتجدد اليقين في قلوب المتابعين.

اللَّهُمَّ اجْبُرْ قُلُوبَ كُلِّ مَنْ ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ السُّبُلُ وَأَحَاطَتْ بِهِمُ الْهُمُومُ، فَأَنْتَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، ارْزُقْ كُلَّ مَهْمُومٍ فَرَجًا، وَكُلَّ حَزِينٍ رَاحَةً وَسَكِينَةً، وَكُلَّ مُحْتَاجٍ قَضَاءً لِحَوَائِجِهِ بِكَرَمِكَ وَعَظِيمِ فَضْلِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

ما هو أفضل دعاء لجبر الخاطر؟

أفضل الأدعية هي ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”، ودعاء “يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث”، لأنها أدعية ثابتة ومباركة، ولها فضل عظيم في تفريج الكروب.

هل يجوز أن أدعو بالعامية أو بما في قلبي؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بلغته وبما يجول في خاطره، فالله سبحانه يعلم ما في الصدور ويسمع كل الدعوات، المهم هو أن يكون معنى الدعاء صحيحًا ولا يخالف الشرع، مع العلم أن الدعاء باللغة العربية وبالمأثور هو الأفضل والأكمل.

ما هو الوقت الأفضل للدعاء؟

الدعاء مشروع في كل وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر