تُعَدُّ ليلة القدر من أشرف ليالي العام وأعظمها بركة، وهي ليلةٌ عظّم الله شأنها في كتابه الكريم، وجعلها خيرًا من ألف شهر، فيها تتنزل الملائكة والرحمات، وتُقدّر الأرزاق والآجال، وتُفتح أبواب المغفرة والرضوان، لذلك، كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان التماسًا لهذه الليلة المباركة، ويحثّ أصحابه على إحيائها بالصلاة والذكر والدعاء.
فضل ليلة القدر ومكانتها في الإسلام
أعلى الله سبحانه وتعالى من شأن ليلة القدر، وخصّها بفضائل عظيمة لم تكن لغيرها من الليالي، ومن أبرز فضائلها:
- نزول القرآن الكريم فيها: أنزل الله فيها أعظم كتبه على خاتم أنبيائه، قال تعالى:.
 
“إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ” [القدر: 1]
- خير من ألف شهر: العبادة والعمل الصالح فيها خير من عبادة ألف شهر، أي ما يزيد على ثلاث وثمانين سنة، قال تعالى:.
 
“لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ” [القدر: 3]
- غفران الذنوب: قيامها إيمانًا واحتسابًا سبب لمغفرة ما تقدم من الذنوب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”
(متفق عليه).
 
- ليلة مباركة: وصفها الله بالبركة، فقال:.
 
“إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ” [الدخان: 3]
الدعاء المأثور في ليلة القدر عن النبي ﷺ
الدعاء هو لبُّ العبادة، والإكثار منه في هذه الليلة من أعظم القربات، وقد ورد في السنة النبوية الشريفة دعاءٌ مخصوص يُستحب الإكثار منه في ليلة القدر، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إن علمتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدرِ ما أقولُ فيها؟ قال: قولي):
“اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”
(رواه الترمذي وابن ماجه، وهو حديث صحيح).
وهذا الدعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة، فمن عفا الله عنه فقد فاز فوزًا عظيمًا.
أدعية قرآنية ونبوية يُستحب الإكثار منها
إلى جانب الدعاء المأثور، يُستحب للمسلم أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، وأن يختار من الأدعية الجامعة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ومنها:
- 
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
[البقرة: 201].
 - 
“رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”
[الفرقان: 74].
 - 
“اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى”
(رواه مسلم).
 - 
“يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ”
(رواه الترمذي، حديث حسن صحيح).
 
أمثلة على صيغ الدعاء العامة المنتشرة
يتداول الناس بعض صيغ الأدعية العامة التي تحمل معاني طيبة، ويسألون الله بها بلوغ ليلة القدر والتوفيق فيها، ومن هذه الصيغ:
- اللَّهُمَّ بَلِّغْنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَبَارِكْ لَنَا فِيهَا، وَاجْعَلْهَا خَيْرًا لَنَا، وَارْزُقْنَا قِيَامَهَا وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ الَّذِي يُرْضِيكَ عَنَّا.
 - اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ بَلَاءٍ عَافِيَةً، وَاحْفَظْنَا وَأَهْلِينَا وَأَحِبَّتَنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ.
 - اللَّهُمَّ يَا وَدُودُ يَا ذَا الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، أَعْتِقْ رِقَابَنَا وَرِقَابَ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا مِنَ النَّارِ، وَاسْتَجِبْ دَعَوَاتِنَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَعْمَارِنَا وَأَعْمَالِنَا يَا كَرِيمُ.
 
تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس لما فيها من معانٍ حسنة، ولكنها لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، ويجوز الدعاء بغيرها ما لم يتضمن محظورًا شرعيًا.
صور وبطاقات دعاء “اللهم بلغنا ليلة القدر”
مع اقتراب العشر الأواخر، يحرص المسلمون على تذكير بعضهم البعض بفضل هذه الليالي، ومشاركة الأدعية والصور التي تعبر عن شوقهم لبلوغ ليلة القدر ونيل بركتها.
المصادر والمراجع
- سورة القدر، القرآن الكريم.
 - سورة الدخان، الآية 3.
 - سورة البقرة، الآية 201.
 - سورة الفرقان، الآية 74.
 - حديث “من قام ليلة القدر…”، متفق عليه، (يمكن مراجعته في موسوعة الدرر السنية).
 - حديث دعاء ليلة القدر “اللهم إنك عفو…”، رواه الترمذي (3513) وابن ماجه (3850)، وصححه الألباني، (يمكن مراجعته في موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “اللهم إني أسألك الهدى والتقى…”، رواه مسلم (2721)، (يمكن مراجعته في موسوعة الدرر السنية).
 - حديث “يا مقلب القلوب…”، رواه الترمذي (2140)، وصححه الألباني، (يمكن مراجعته في موسوعة الدرر السنية).
 
الأسئلة الشائعة حول ليلة القدر
ما هو أفضل دعاء في ليلة القدر؟
أفضل ما يُقال في ليلة القدر هو الدعاء الذي علّمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: “اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي”، وهو دعاء جامع يطلب فيه العبد من الله العفو، وهو أعلى مراتب المغفرة.
متى تكون ليلة القدر؟
ليلة القدر تكون في العشر الأواخر من شهر رمضان، وهي في الليالي الوتر (الفردية) أرجى منها في غيرها، أي ليالي 21, 23, 25, 27, 29، وأرجى الليالي هي ليلة السابع والعشرين على قول جمع من أهل العلم، ولكنها متنقلة وليست ثابتة في ليلة معينة كل عام.
لماذا أُخفي موعد ليلة القدر؟
أخفى الله تعالى علمها عن العباد لحكمة عظيمة، وهي ليجتهدوا في طلبها في جميع ليالي العشر الأواخر بالعبادة والدعاء، فيزدادوا قربًا من الله وطاعة، ولو عُرفت ليلة محددة لاقتصر اجتهاد الكثيرين عليها فقط.
		







