إن التجاء العبد إلى ربه في كل أحواله، وخاصة في أوقات الشدة والحاجة، هو جوهر العبودية ودليل اليقين، فالله سبحانه وتعالى هو قاضي الحاجات، ومفرج الكروب، وهو القائل في كتابه الكريم:
“وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ”
[غافر: 60]، فالدعاء هو السلاح الأقوى الذي يملكه المؤمن، وبه يستمطر الرحمات ويستجلب الخيرات.
والأصل في الدعاء هو الإخلاص وحضور القلب، والالتجاء إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، مع الأخذ بالأسباب المشروعة، وأفضل ما يدعو به العبد هو ما ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة مباركة، ثبت نفعها وعظم أثرها.
أدعية ثابتة في القرآن والسنة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج
إن خير ما يتوجه به المسلم إلى ربه هو الأدعية المأثورة التي علمنا إياها الله سبحانه في كتابه، أو نُقلت عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بسند صحيح، هذه الأدعية هي قمة البلاغة وكمال العبودية، وفيها الخير والبركة، ومن هذه الأدعية المباركة:
1، دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة (من القرآن الكريم)
هذا الدعاء من أجمع الأدعية وأكثرها نفعًا، فقد كان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يجمع بين طلب صلاح الحال في الدنيا والفوز في الآخرة.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
المصدر: سورة البقرة، الآية 201.
2، دعاء تفريج الكرب (من السنة النبوية)
يُعرف هذا الدعاء بدعاء المكروب، وهو من الأدعية العظيمة التي يُلجأ بها إلى الله في أوقات الشدة والضيق لطلب الرحمة وتفريج الهم.
“اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”
المصدر: سنن أبي داود، وهو حديث حسن.
3، دعاء ذي النون (من القرآن والسنة)
هو دعاء النبي يونس عليه السلام وهو في بطن الحوت، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما دعا به مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
المصدر: سورة الأنبياء، الآية 87، وفضله ورد في سنن الترمذي، وهو حديث صحيح.
أمثلة على صيغ دعاء عامة لتيسير الحوائج
إلى جانب الأدعية الثابتة، يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ طيبة لا تخالف الشرع، يسأل فيها ربه حاجته بأسلوبه الخاص وبما يجيش في صدره، وهذه بعض الأمثلة على أدعية عامة يمكن الاستئناس بها:
- اللَّهُمَّ يَا مُسَهِّلَ الشَّدِيدِ، وَيَا مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ، وَيَا مُنْجِزَ الْوَعِيدِ، أَخْرِجْنِي مِنْ حَلَقِ الضِّيقِ إِلَى أَوْسَعِ الطَّرِيقِ، بِكَ أَدْفَعُ مَا لَا أُطِيقُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
- رَبِّ إِنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَاكْشِفْ ضُرِّي، وَيَسِّرْ أَمْرِي، وَاقْضِ حَاجَتِي، وَاجْبُرْ كَسْرِي، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ.
- اللَّهُمَّ يَا مَنْ وَسِعَتْ رَحْمَتُكَ كُلَّ شَيْءٍ، أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تُصْلِحُ بِهَا شَأْنِي كُلَّهُ، وَتَقْضِي بِهَا حَاجَتِي، وَتُيَسِّرُ بِهَا أَمْرِي، وَتَشْرَحُ بِهَا صَدْرِي.
- يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي من الأدعية العامة التي يتداولها الناس، ولم تثبت بسند صحيح مخصص عن النبي صلى الله عليه وسلم بفضل معين، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، والدعاء بهذه الصيغ العامة جائز ما لم يتضمن اعتداءً أو محظوراً شرعياً، ولكن لا يجوز نسبتها إلى الشرع أو اعتقاد فضل خاص لها لم يرد به دليل.
تسبيحات وأذكار معينة على قضاء الحوائج
الذكر والتسبيح من أعظم أسباب تفريج الكروب وتيسير الأمور، فهو يملأ القلب طمأنينة ويصل العبد بربه.
- الإكثار من الاستغفار: قال تعالى:
“فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا”
[نوح: 10-12].
- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: هي من أعظم أسباب كفاية الهم وقضاء الحوائج، قال أُبيّ بن كعب للنبي صلى الله عليه وسلم: (أجعل لك صلاتي كلها؟)، قال:
“إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ”
(رواه الترمذي، حديث حسن).
- قول “لا حول ولا قوة إلا بالله”: فهي كنز من كنوز الجنة، وفيها استعانة وتبرؤ من الحول والقوة إلا بالله، وهو من أسباب تيسير الأمور.
المصادر والمراجع
- سورة غافر، الآية 60.
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة نوح، الآيات 10-12.
- سنن أبي داود، حديث رقم 5090، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 2457، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول أدعية قضاء الحوائج
ما هو أفضل دعاء لقضاء الحوائج؟
أفضل الأدعية هي الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل “ربنا آتنا في الدنيا حسنة…” ودعاء الكرب “اللهم رحمتك أرجو…”، والأهم من الصيغة هو صدق التوجه إلى الله والإخلاص في الدعاء وحضور القلب.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي غير مأثورة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو ربه بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة كانت، بشرط ألا يكون في دعائه إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء، ولكن يبقى الدعاء بالمأثور أفضل وأجمع للخير وأعظم بركة.
ما هي أفضل أوقات استجابة الدعاء؟
هناك أوقات وأحوال يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر.

