يوم عرفة هو أحد أعظم أيام الله، ويحظى بمكانة خاصة في الإسلام، حيث يُستحب فيه الإكثار من الذكر والدعاء، وقد انتشر بين الناس دعاء طويل يُنسب إلى الإمام الحسين بن علي – رضي الله عنهما – يُقرأ في هذا اليوم، في هذا المقال، نستعرض الدعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة، ونوضح حقيقة الدعاء المنسوب للإمام الحسين، مع بيان فضله ومكانته في الإسلام.
الإمام الحسين بن علي – رضي الله عنهما – هو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا، وابن فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب، وقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم وأخيه الحسن بالسيادة في الجنة، فقال:
“الحَسَنُ والحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ”
(رواه الترمذي، حديث صحيح).
الدعاء الصحيح المأثور عن النبي ﷺ يوم عرفة
الأصل في العبادات هو الاتباع والالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو خير الهدي، وقد ورد في السنة النبوية الشريفة أفضل ما يُقال في هذا اليوم المبارك، وهو دعاء جامع ومبارك.
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
(المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن).
هذا الذكر هو أفضل ما ينشغل به المسلم في يوم عرفة، لما فيه من توحيد خالص لله عز وجل، وهو أساس قبول الأعمال.
صيغ الدعاء المشهورة المنسوبة للإمام الحسين يوم عرفة
يتداول الكثير من الناس دعاءً طويلاً ينسبونه إلى الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه، ويقرؤونه في يوم عرفة، ورغم جمال معانيه وبلاغة ألفاظه، فإنه من المهم توضيح أصله وحكمه، نورد هنا بعض المقاطع منه للعلم بها:
- “اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَايَ فِي نَفْسِي وَالْيَقِينَ فِي قَلْبِي، وَالْإِخْلَاصَ فِي عَمَلِي وَالنُّورَ فِي بَصَرِي وَالْبَصِيرَةَ فِي دِينِي وَمَتِّعْنِي بِجَوَارِحِي وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الْوَارِثَيْنِ مِنِّي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي وَأَرِنِي فِيهِ ثَأْرِي وَمَآرِبِي وَأَقِرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي.”.
- “إِلَهِي إِلَى مَنْ تَكِلُنِي إِلَى قَرِيبٍ فَيَقْطَعُنِي، أَمْ إِلَى بَعِيدٍ فَيَتَجَهَّمُنِي أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعَفِينَ لِي وَأَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ أَمْرِي أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دَارِي وَهَوَانِي عَلَى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي.”.
- “أَنَا يَا إِلَهِي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي، أَنَا الَّذِي أَسَأْتُ أَنَا الَّذِي أَخْطَأْتُ أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ أَنَا الَّذِي غَفَلْتُ أَنَا الَّذِي سَهَوْتُ، أَنَا الَّذِي اعْتَمَدْتُ أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ أَنَا الَّذِي وَعَدْتُ وَأَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ.”.
كما يمكنكم تنزيل الصيغة الكاملة المتداولة بصيغة PDF عبر الولوج لهذا الرابط “من هنا“..
الحكم الشرعي للدعاء المنسوب للإمام الحسين يوم عرفة
تنبيه هام: هذا الدعاء بصيغته الطويلة المشهورة لم يثبت بسند صحيح في كتب السنة المعتمدة أنه من قول الإمام الحسين رضي الله عنه، أو أنه خَصَّص به يوم عرفة، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة.
وعليه، فإن تخصيص يوم عرفة بهذا الدعاء باعتباره سنة مأثورة عن الإمام الحسين هو أمر لا أصل له، والأولى والأسلم للمسلم أن يلتزم بالهدي النبوي الثابت، ويكثر من قول: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ…”، مع الدعاء بما يفتح الله عليه من خيري الدنيا والآخرة.
أدعية جامعة من القرآن والسنة يمكن الدعاء بها يوم عرفة
إلى جانب الذكر النبوي، يمكن للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية الجامعة التي وردت في الكتاب والسنة، ومنها:
- دعاء جامع من القرآن الكريم:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
[البقرة: 201].
- دعاء تفريج الكروب:
“اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”
(رواه أبو داود، حديث حسن)..
- دعاء طلب العفو والعافية:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي”
(رواه أبو داود، حديث صحيح)..
مكانة الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما
للإمام الحسين مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، فهو سبط النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يحبه حبًا شديدًا، وقد ظهرت هذه المحبة في مواقف عديدة، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يُجلسه هو وأخاه في حجره ويقبلهما، ويقول عنهما أنهما ريحانتاه من الدنيا، وقد استشهد رضي الله عنه في كربلاء سنة 61 هجرية، وتبقى سيرته رمزًا للتضحية في وجه الظلم.
إن محبة آل البيت، ومنهم الإمام الحسين، هي جزء من عقيدة أهل السنة والجماعة، ولكن هذه المحبة تقتضي اتباع هدي جدهم المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعدم نسبة الأقوال أو الأفعال إليهم إلا بما ثبت بسند صحيح وموثوق.
المصادر والمراجع
- حديث “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة”، (سنن الترمذي، رقم 3768، يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “خير الدعاء دعاء يوم عرفة”، (سنن الترمذي، رقم 3585، يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سورة البقرة، الآية 201.
- حديث “اللهم رحمتك أرجو”، (سنن أبي داود، رقم 5090، يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “اللهم إني أسألك العافية”، (سنن أبي داود، رقم 5074، يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة (FAQs)
ما هو أفضل دعاء يوم عرفة؟
أفضل ما يُقال في يوم عرفة هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
هل دعاء الإمام الحسين الطويل ليوم عرفة صحيح؟
هذا الدعاء لم يثبت بسند صحيح في كتب السنة المعتبرة أنه من قول الإمام الحسين رضي الله عنه، أو أنه يُخصص ليوم عرفة، لذلك، لا يُعمل به على أنه سنة ثابتة.
هل يجوز أن أدعو بالدعاء المنسوب للإمام الحسين في يوم عرفة؟
الأفضل والأسلم هو الالتزام بالهدي النبوي الثابت، أما الدعاء بأي صيغة تحمل معاني طيبة كدعاء عام دون الاعتقاد بأنها سنة مخصصة لهذا اليوم أو منسوبة للإمام الحسين على وجه اليقين، فالأمر فيه سعة، ولكن يبقى اتباع السنة هو قمة الفضل والبركة.

