عندما يمر الإنسان بمواقف عصيبة يشعر فيها بالخوف من ظلم الآخرين أو بطشهم، فإن ملاذه الآمن وملجأه الحصين هو الله سبحانه وتعالى، فالدعاء والتضرع إليه هو أعظم سلاح للمؤمن، به يستجلب العون، ويدفع الأذى، وينال الطمأنينة والسكينة، واللجوء إلى الله في هذه اللحظات هو عين اليقين والتوكل عليه وحده.
أدعية ثابتة في القرآن والسنة لدفع الظلم والخوف
إن خير ما يدعو به المسلم هو ما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية جامعة للخير، ومباركة، وهي المنهج الأسلم للتحصن والنجاة، ومن هذه الأدعية الموثوقة:
- دعاء نبي الله إبراهيم عليه السلام: وهو من أعظم الأدعية عند الشدائد، قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-:
“حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}”.
المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 4563.
- دعاء النبي ﷺ عند الخوف من قوم: وهو دعاء مأثور يُقال عند الخوف من بطش جماعة أو عدو، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قومًا قال:
“اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ”.
المصدر: سنن أبي داود، حديث رقم 1537، (حديث صحيح).
- دعاء نبي الله نوح عليه السلام: وهو دعاء المكروب الذي استُضعف ولجأ إلى ربه يطلب النصرة.
“فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ”
المصدر: سورة القمر، الآية 10.
- دعاء نبي الله يونس عليه السلام في بطن الحوت: وهو دعاء عظيم لتفريج الكروب والنجاة من الغم.
“فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”
المصدر: سورة الأنبياء، الآية 87.
صيغ أدعية عامة يمكن الدعاء بها لرفع الظلم
إلى جانب الأدعية المأثورة من القرآن والسنة، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بصيغ عامة تناسب حاله، ما دامت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، وهذه بعض الأمثلة على صيغ يمكن الدعاء بها عند الشعور بالظلم أو القهر:
- لتحصين النفس: “اللَّهُمَّ أَنْتَ مَلْجَئِي وَسَنَدِي، بِكَ أَعُوذُ وَأُحَصِّنُ نَفْسِي وَأَهْلِي مِنْ كُلِّ ظَالِمٍ، اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يُضَامُ، وَاكْلَأْنَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاصْرِفْ عَنَّا شَرَّ كُلِّ ذِي شَرٍّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.”.
- للنجاة من الأذى: “يَا رَبِّ، مَنْ أَرَادَ بِي سُوءًا فَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاشْغَلْهُ فِي نَفْسِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ تَوَلَّنِي بِرَحْمَتِكَ وَاكْفِنِي شَرَّ خَلْقِكَ بِمَا شِئْتَ.”.
- دعاء المظلوم المقهور: “حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ حَسْبِي فِيمَنْ ظَلَمَنِي، وَأَنْتَ وَكِيلِي فِيمَن آذَانِي، فَأَرِنِي فِيهِ عَجَائِبَ قُدْرَتِكَ، فَإِنَّكَ الْعَدْلُ الَّذِي لَا يَظْلِمُ، وَأَنْتَ الْقَوِيُّ الَّذِي لَا يُغْلَبُ.”.
- لطلب النصرة: “اللَّهُمَّ يَا نَاصِرَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَيَا غَوْثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، أَغِثْنِي وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَخُذْ لِي بِحَقِّي مِنْهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.”.
تنبيه هام حول الأدعية المنتشرة
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله الناس ويجوز الدعاء بها لمعانيها الصحيحة، ولكنها لم تثبت بنصها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، وفيها غنية عن غيرها.
ما حكم الدعاء بصيغ غير مأثورة؟
أجمع أهل العلم على جواز دعاء المسلم ربه بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، فباب الدعاء واسع، ويمكن للمرء أن يعبر عن حاجته بالأسلوب الذي يفتح الله به عليه، ومع ذلك، يبقى الالتزام بالأدعية القرآنية والنبوية هو الأفضل والأكمل والأعظم أجرًا، لأنها من جوامع الكلم التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة القمر، الآية 10.
- صحيح البخاري، حديث رقم 4563، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 1537، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول دعاء المظلوم
ما هو أفضل وقت للدعاء على الظالم؟
دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب في أي وقت، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، ويوم الجمعة.
هل يجب أن أدعو على الظالم أم أدعو له بالهداية؟
كلا الأمرين جائز، الدعاء على الظالم بقدر ظلمه جائز شرعًا، وهو من باب طلب القصاص العادل من الله، والعفو والدعاء له بالهداية هو مرتبة أعلى من الإحسان والصبر، ولصاحبها أجر عظيم إن قدر عليها، يختار المظلوم ما يطمئن إليه قلبه.
ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة غير الموثوقة؟
البديل الأفضل دائمًا هو الأدعية الثابتة في القرآن والسنة، مثل قول “حسبنا الله ونعم الوكيل”، ودعاء يونس “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”، ودعاء “اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم”، فهي أدعية عظيمة ومجربة وذات فضل ثابت.


