يُعد السفر من الأمور التي تقتضي الاستعانة بالله والتوكل عليه، حيث يواجه المسلم تغيراً في حاله ومكانه، ويترك خلفه أهله وأحبابه، وفي هذه الأحوال، يجد المسلم الطمأنينة والسكينة في اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، سائلاً إياه الحفظ والسلامة له ولمن تركهم، فالدعاء هو صلة العبد بربه، وهو خير ما يستعان به في كل حين.

الأدعية الصحيحة من السنة النبوية للمسافر

إن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وردت في السنة النبوية الشريفة أدعية ثابتة تُقال في مناسبة السفر، سواء من المقيم للمسافر أو من المسافر نفسه، وهذه الأدعية تجمع بين طلب الحفظ والرعاية والبركة، وهي كافية وشاملة.

1، دعاء المقيم للمسافر

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يودّع أصحابه إذا أرادوا سفراً بهذا الدعاء، وهو من أعظم ما يُقال للمسافر لما فيه من استيداع دينه وأمانته وعمله لله الذي لا تضيع ودائعه.

عن سالم بن عبد الله بن عمر، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول للرجل إذا أراد سفراً: ادنُ مني أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا، فيقول:

أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ.

المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن صحيح.

2، دعاء المسافر للمقيم

كما يُستحب للمسافر أيضاً أن يدعو لمن يودعهم من أهله وأصحابه، وقد ورد في ذلك دعاء مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ.

المصدر: سنن ابن ماجه، حديث صحيح.

أدعية عامة وصيغ شائعة للدعاء للمسافر

إلى جانب الأدعية النبوية الثابتة، يتداول الناس بعض الصيغ للدعاء للمسافر، خاصة للزوج أو الأبناء أو الأحبة، بأسلوب يجمع المعاني الطيبة، يمكن الدعاء بهذه الصيغ أو بما يفتح الله به على عبده، ما لم يكن فيها اعتداء في الدعاء، ومن الأمثلة على ذلك:

• اللَّهُمَّ إني أستودعك زوجي (أو من تحب) في سفره، فاحفظه بحفظك الذي لا يرام، واكلأه بعينك التي لا تنام.
• يا رب، هوّن عليه سفره، واطوِ عنه بُعده، ويسّر له أمره، واكتب له التوفيق والسداد في كل خطوة.
• اللَّهُمَّ احفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه، ونعيذه بعظمتك أن يُغتال من تحته.
• ربِّ ارزقه الصحة والعافية في بدنه، والبركة في وقته ورزقه، ورده إلينا سالماً غانماً مجبور الخاطر.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لخيري الدنيا والآخرة.

حكم الدعاء للمسافر بصيغ غير مأثورة

الأصل هو الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي جامعة للمعاني العظيمة ومباركة، ومع ذلك، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة طيبة، ما دامت لا تحتوي على محظور شرعي أو اعتداء في الدعاء، فباب الدعاء واسع، والله سبحانه وتعالى يحب أن يسأله عبده ويلحّ عليه في المسألة، والأفضل الجمع بين الأمرين: البدء بالدعاء المأثور ثم الدعاء بما في النفس من حاجات.

وفي الختام، يبقى الدعاء هو الحصن الحصين للمسلم، سواء كان مسافراً أو مقيماً، فمن استودع الله شيئاً حفظه له، ومن توكل على الله كفاه، وهو سبحانه خير الحافظين.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة حول دعاء السفر

ما هو أفضل دعاء يقال للمسافر؟

أفضل ما يقال للمسافر هو الدعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ”، لأنه دعاء نبوي جامع لخيري الدنيا والآخرة.

هل يجوز الدعاء للمسافر بالعامية أو بأسلوبي الخاص؟

نعم، يجوز الدعاء بأي صيغة طيبة وباللغة التي يتقنها الداعي، فالله تعالى يعلم ما في القلوب ويستجيب لمن دعاه بصدق وإخلاص، ولكن، يبقى الالتزام بالدعاء المأثور من السنة أفضل وأعظم أجراً.

ماذا يقول المسافر عند توديع أهله؟

يُسن للمسافر أن يقول لمن يودعهم من أهله وأصحابه: “أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ”، كما ورد في الحديث الصحيح.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر