دعاء الصبر على البلاء والحزن والشدائد مكتوب

يُواجه الإنسان في رحلة حياته لحظات من الحزن والأسى عند فراق عزيز، وهو ابتلاءٌ يختبر قوة الإيمان والرضا بقضاء الله وقدره، وفي هذه الأوقات، يجد المسلم السكينة والطمأنينة في اللجوء إلى الله تعالى، فالدعاء هو صلة العبد بربه، ووسيلته لطلب الصبر والثبات وتفريج الكروب، إن التسليم لحكمة الله وتجنب السخط هو مفتاح تجاوز المحن، وفيما يلي بيان لأدعية صحيحة ومأثورة تُعين المسلم على الصبر عند البلاء.

أدعية الصبر والثبات من القرآن والسنة النبوية

الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهما خير هدي وأعظم بركة، وهذه مجموعة من الأدعية الصحيحة التي يُشرع للمسلم الدعاء بها عند نزول المصائب والبلاء.

  • الاسترجاع عند المصيبة: وهو أول ما يُقال عند وقوع البلاء، وهو مفتاح الصبر والرضا.

    “الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ” [البقرة: 156-157]

    .

  • دعاء أم سلمة عند المصيبة: وهو دعاء جامع يجمع بين طلب الأجر والصبر والرجاء في عوض الله.

    “اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا”

    المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 918، قالت أم سلمة رضي الله عنها: فما قلتها إلا وأخلف الله لي خيرًا منه، رسول الله ﷺ.

  • دعاء الكرب والهم: وهو من الأدعية النبوية العظيمة التي تُفرج الهموم وتُذهب الأحزان.

    “اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي”

    المصدر: مسند الإمام أحمد، وصححه الألباني.

  • دعاء يونس عليه السلام: دعاء عظيم لتفريج الكروب الشديدة.

    “لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87]

    قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له”

    (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

  • دعاء طلب العافية والرحمة:

    “اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”

    المصدر: سنن أبي داود، حديث حسن.

أدعية الصبر على البلاء والمصائب مكتوبة بخط جميل

صيغ وأدعية عامة مأثورة في الصبر

تنبيه هام: الصيغ التالية هي من الأدعية العامة التي يتداولها الناس، وهي حسنة المعنى ويمكن الدعاء بها من باب الدعاء العام، لكنها لم تثبت بنص أو سند خاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة.

  • “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، وَبِكَلِمَاتِكَ التَّامَّاتِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ، وَبِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى كُلِّهَا مَا عَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقْتَ وَبَرَأْتَ وَذَرَأْتَ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا، إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.”.
  • “يَا رَبِّ، إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي، فَأَنْتَ مَلْجَأُ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَمَلَاذُ الْمُحْتَاجِينَ، أَسْأَلُكَ يَا اللهُ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَلْطُفَ بِي فِي شِدَّتِي، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ.”.
  • “إِلَهِي، عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، أَنْتَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا، إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.”.
  • “رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَارْزُقْنِي مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ.”.

فضل الصبر على البلاء

قد يظن البعض أن الابتلاء علامة على غضب الله، ولكن الحقيقة أن الابتلاء قد يكون دليلاً على محبة الله لعبده ليرفع درجته ويكفر سيئاته، والدليل على ذلك أن الأنبياء والرسل، وهم صفوة الخلق، كانوا أشد الناس بلاءً.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف:

“أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ”

المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 2398، وقال: “حديث حسن صحيح”.

آيات قرآنية عن الصبر والفرج عند الشدائد

آيات قرآنية عن الصبر والفرج

القرآن الكريم هو مصدر الطمأنينة والسكينة للمؤمن، ورغم عدم وجود آيات مخصصة “لرفع البلاء” بشكل مباشر، فإن تلاوة آيات الرجاء والفرج والقدرة الإلهية تبث الأمل في النفس وتعين على الصبر.

  • “قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ” [الأنعام: 64]

    .

  • “سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا” [الطلاق: 7]

    .

  • “أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ” [البقرة: 214]

    .

  • “فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” [الشرح: 5-6]

    .

  • “قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” [التوبة: 51]

    .

  • “وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ” [يونس: 107]

    .

المصادر والمراجع

الأسئلة الشائعة

ما هو أفضل دعاء يقال عند وقوع مصيبة؟

أفضل ما يبدأ به المسلم هو الاسترجاع بقول: “إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”، ثم يدعو بدعاء أم سلمة رضي الله عنها: “اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا”، فهذا ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم.

هل يجوز لي أن أدعو الله بلغتي وبصيغ من عندي؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من حاجاته وبأسلوبه الخاص، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، ولكن، لا شك أن الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو أفضل وأعظم أجراً وأقرب للإجابة، لأنها جامعة للمعاني ومباركة.

ما هو أجر الصبر على البلاء؟

أجر الصابرين عظيم عند الله، حتى إن الله تعالى قال في كتابه الكريم أنهم يوفون أجرهم بغير حساب:

“إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ” [الزمر: 10]

، كما أن البلاء يكفر الخطايا ويرفع الدرجات.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات