دعاء الصفا والمروة مكتوب مستجاب (أفضل 9 أدعية في الحج)

عند أداء مناسك الحج والعمرة، يمثل السعي بين الصفا والمروة ركنًا أساسيًا وعبادة جليلة يتجلى فيها الإخلاص والافتقار إلى الله عز وجل، إن هذه الشعيرة العظيمة ليست مجرد حركة جسدية، بل هي فرصة ثمينة للدعاء والتضرع، وتجديد العهد مع الله، واستحضار معاني الصبر واليقين التي جسدتها السيدة هاجر عليها السلام، يمثل الحج الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد فرضه الله على المسلمين القادرين، وجعل فيه من الفضائل ما يعود على المسلم بالنفع في دنياه وآخرته.

إن اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المواضع هو مفتاح القبول والبركة، حيث يُستحب للمسلم أن يبدأ بما ورد في السنة الصحيحة، ثم يفتح له باب الدعاء ليسأل الله من خيري الدنيا والآخرة بقلب خاشع ونفس مطمئنة.

ما ورد في السنة عند بداية السعي وعلى الصفا والمروة

يُعدّ السعي بين الصفا والمروة من أبرز شعائر الحج والعمرة، وعند الوصول إلى الصفا، يُستحب للمسلم فعل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك على النحو التالي:

  1. عند الاقتراب من الصفا، يقرأ قوله تعالى:

    “إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ”

    (سورة البقرة: 158)، ثم يقول: “أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ”.

  2. يصعد على الصفا حتى يرى الكعبة، فيستقبل القبلة ويوحّد الله ويكبّره ويحمده، ثم يدعو بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في حديث جابر بن عبد الله الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم (وهو حديث صحيح رواه مسلم):

    “فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ، حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ”.

    يفعل المسلم ذلك على الصفا، ثم ينزل للسعي، ويفعل مثل ذلك على المروة.

هذه هي الصيغة الثابتة والمأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الوقوف على الصفا والمروة، وهي أفضل ما يُقال في هذا الموضع المبارك.

أدعية مأثورة من القرآن والسنة تقال أثناء السعي بين الصفا والمروة

أدعية عامة يُستحب قولها أثناء السعي

أما أثناء المشي بين الصفا والمروة (في الأشواط السبعة)، فلم يثبت دعاء معين مخصص لكل شوط، الأمر في ذلك واسع، وللمسلم أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، أو يقرأ القرآن، أو يذكر الله بالتسبيح والتهليل والتحميد، وهذه فرصة عظيمة ليناجي العبد ربه ويسأله من حاجاته وهمومه بقلب صادق.

ومن الأدعية الجامعة النافعة التي يمكن الدعاء بها في هذا الموضع وغيره:

  • الدعاء القرآني الجامع:

    “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”

    [البقرة: 201]، وقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن هذا كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم).

  • من الأدعية العامة المأثورة: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى” (حديث صحيح، رواه مسلم).
  • من الأدعية الجامعة للخير: “رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي”.
  • لطلب المغفرة والرحمة: “رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ” [آل عمران: 147].
  • لطلب القبول وصلاح العمل: “رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” [البقرة: 127].

يمكن للمسلم أن يدعو بما في قلبه من أمور تخصه وتخص أهله والمسلمين، فالدعاء في هذا الموضع من أرجى مواطن الإجابة.

مكانة وفضائل الحج في الشريعة الإسلامية

للحج مكانة عظيمة في الإسلام، فهو من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله، وقد وردت نصوص كثيرة في القرآن والسنة تؤكد على فضله العظيم، ومن ذلك:

  • أفضل الأعمال: يُعتبر الحج من أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله والجهاد في سبيله، سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ فقال:

    “إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ”، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: “الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ”، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: “حَجٌّ مَبْرُورٌ”.

    (حديث صحيح، متفق عليه).

  • جزاؤه الجنة: أجر الحج المبرور هو الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    “الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ”.

    (حديث صحيح، متفق عليه).

  • مغفرة الذنوب: الحج فرصة عظيمة لتكفير الذنوب والعودة كيوم ولدته أمه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ”.

    (حديث صحيح، متفق عليه).

  • الحجاج وفد الله: الحاج ضيف على ربه، وقد تكفل الله بإكرامه وإجابة دعائه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    “الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ وَفْدُ اللهِ، دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ، وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ”.

    (حديث حسن، رواه ابن ماجه).

  • حسن الخاتمة: من مات حاجاً أو معتمراً كُتب له الأجر إلى يوم القيامة، فهو من علامات حسن الخاتمة.

شروط وفضائل فريضة الحج في الإسلام

الشروط اللازمة لوجوب فريضة الحج

الحج فريضة عظيمة، لكن وجوبها لا يتحقق إلا بتوفر شروط محددة، وهي أساسية ليصبح المسلم مُلزمًا بأدائها:

  • الإسلام: الحج فريضة على المسلمين فقط، وهو شرط صحة وقبول.
  • العقل: يجب أن يكون الشخص عاقلاً مدركاً، فغير العاقل ليس مكلفاً بالعبادات.
  • البلوغ: الحج واجب على من بلغ سن التكليف الشرعي، حج الصبي صحيح وله أجره، ولكنه لا يُسقط عنه حجة الإسلام الواجبة بعد بلوغه.
  • الحرية: يجب أن يكون الشخص حراً، فالعبد ليس مكلفاً بالحج.
  • الاستطاعة: وهي تشمل القدرة المالية والبدنية، قال تعالى:

    “وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا”

    [آل عمران: 97]، وتشمل الاستطاعة وجود الزاد والراحلة (القدرة المالية على تكاليف السفر والمعيشة)، وأمن الطريق، والصحة البدنية.

  • وجود المَحْرَم للمرأة: وهو شرط إضافي للمرأة عند جمهور العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:

    “لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ”.

    (حديث صحيح، متفق عليه).

على المسلم الذي عزم على الحج أن يحرص على تعلم مناسكه كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يخلص نيته لله، ويجعل من هذه الرحلة المباركة نقطة تحول إيجابية في حياته، محافظاً على الطاعات ومبتعداً عن المعاصي.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة حول أدعية السعي

س1: هل يوجد دعاء مخصص لكل شوط من أشواط السعي السبعة؟

ج: لا، لم يثبت في السنة النبوية الصحيحة وجود دعاء مخصص لكل شوط، الأمر متروك للمسلم ليدعو بما يشاء من الأدعية العامة، أو يذكر الله، أو يقرأ القرآن، الثابت فقط هو الذكر والدعاء عند الوقوف على الصفا والمروة في بداية كل شوط ونهايته.

س2: ما هو أفضل ما يقال أثناء السعي بين الصفا والمروة؟

ج: أفضل ما يقال هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا والمروة (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ…)، أما أثناء المشي، فليس هناك أفضل من الدعاء بصدق وإخلاص بما يحتاجه العبد في دينه ودنياه، مع الإكثار من الأدعية الجامعة مثل “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً…”.

س3: هل يجوز قراءة الأدعية من كتاب أو من الهاتف أثناء السعي؟

ج: نعم، يجوز ذلك ولا حرج فيه، خاصة لمن لا يحفظ الكثير من الأدعية، ولكن الأفضل أن يجمع المسلم بين القراءة والدعاء من قلبه بما يفتح الله عليه، فالدعاء النابع من القلب يكون أكثر خشوعاً وحضوراً.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات