هل صحيح ان دعاء المسافر مستجاب؟

يعد دعاء المسافر من الأدعية التي يُرجى قبولها، لما ورد في السنة النبوية الشريفة من فضل لهذه الحالة، ويُنصح المسلم بأن يستثمر وقت سفره في الدعاء لنفسه وأهله ومن أحب، وأن يحرص على ذكر الله تعالى، فذلك يعينه على مشقة الطريق ويملأ قلبه طمأنينة وسكينة.

إن انشغال المسافر بذكر الله والدعاء يجعل من رحلته تجربة إيمانية فريدة، ويقوي صلته بربه، خاصة في أوقات الابتعاد عن الأهل والوطن حيث يزداد الشعور بالحاجة إلى عون الله وحفظه.

هل دعاء المسافر مستجاب؟ الدليل من السنة النبوية

أجمع أهل العلم على أن دعاء المسافر مستجاب، استنادًا إلى أدلة صريحة من السنة النبوية المطهرة، فالسفر مظنة المشقة والانكسار والافتقار إلى الله، وهي من أعظم أسباب إجابة الدعاء، والدليل على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

“ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ.”

(رواه الترمذي وأبو داود، وحسّنه الألباني).

لذا، ينبغي على كل مسلم يُقبل على سفر أن يغتنم هذه الفرصة الثمينة، فيتوجه إلى الله بقلب خاشع ونية صادقة، ويدعو بما فيه خير دينه ودنياه وآخرته، موقنًا بإجابة الله تعالى لكرمه وفضله.

فضل دعاء المسافر وأهميته في الإسلام

أدعية السفر الصحيحة الواردة في السنة النبوية

إن خير ما يدعو به المسلم هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه الأدعية جامعة لخيري الدنيا والآخرة وفيها البركة والاتباع، ومن أهم هذه الأدعية:

1، دعاء ركوب الدابة (السيارة، الطائرة، وغيرها)

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر، كبّر ثلاثاً، ثم قال:

“سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ.”

وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: “آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ”، (رواه مسلم).

  • شرح موجز: هذا الدعاء يتضمن حمداً لله على نعمة تيسير وسيلة السفر، وطلب العون على البر والتقوى، وسؤال الله تيسير مشقة السفر، والاستعاذة به من كل سوء قد يواجه المسافر في رحلته أو يصيب أهله في غيابه.

2، دعاء المقيم للمسافر (دعاء توديع المسافر)

من السنة أن يدعو المقيم للمسافر عند توديعه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أريد سفراً فزودني، قال: «زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى»، قال: زدني، قال: «وَغَفَرَ ذَنْبَكَ»، قال: زدني بأبي أنت وأمي، قال: «وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ» (رواه الترمذي، حديث حسن).

والصيغة المشهورة في التوديع هي:

“أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ، وَأَمَانَتَكَ، وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ.”

(رواه الترمذي، حديث حسن صحيح).

أمثلة على أدعية عامة ومنتشرة للمسافر

إلى جانب الأدعية النبوية الثابتة، يتداول الناس بعض الصيغ العامة للدعاء للمسافر، والتي تحمل معاني طيبة في طلب الحفظ والتيسير، يمكن الدعاء بها على وجه العموم ما لم يُعتقد أنها سنة ثابتة بلفظها، ومن أمثلة ذلك:

  • اللهم إني أسألك برحمتك أن تحمي والديّ في سفرهما، اللهم اجعل الطريق أمامهما ميسرًا، وأعذهما يا الله من كل مكروه، وأعدهما إلينا سالمين معافين.
  • يا رب، هوّن على أخي مشقة السفر، وارزقه رزقًا واسعًا طيبًا، ورده إلينا بأفضل حال.
  • اللهم احفظ أحبتي المسافرين بعينك التي لا تنام، واجعل السلامة رفيقهم في حلهم وترحالهم.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير.

الحكم الشرعي في خصوصية دعاء المسافر

دعاء المسافر مستجاب بنص الحديث الصحيح، وهو منحة ربانية للمسلم لتخفيف مشقة سفره وتعويضه عن بعده عن أهله ووطنه، تبدأ خصوصية هذه الحالة منذ أن يشرع الإنسان في السفر ويغادر حدود مدينته، وتستمر حتى يعود منها، ويُستحب الإكثار من الدعاء في جميع أحوال السفر، عند الركوب، والنزول، وفي الطريق، لأنها كلها أوقات يُرجى فيها القبول.

أدعية مكتوبة للحفظ والسلامة أثناء السفر

الحكمة من استجابة دعاء المسافر

ذكر العلماء عدة حِكَم وأسباب لكون دعاء المسافر أحرى بالإجابة، منها:

  • الانكسار والافتقار: السفر قطعة من العذاب كما ورد في الحديث، وغالباً ما يشعر المسافر بالانكسار والحاجة إلى الله، وهذا من أعظم أسباب إجابة الدعاء.
  • صفاء الذهن: يكون المسافر غالبًا بعيدًا عن شواغل الدنيا ومُلهياتها، فيكون قلبه أكثر حضورًا وخشوعًا عند الدعاء.
  • مظنة المشقة: لما كان السفر يتضمن مشقة وتعبًا، جازاه الله تعالى بأن جعل دعاءه مستجابًا، جبرًا له وتخفيفًا عنه.
  • الإلحاح في الدعاء: غالبًا ما يكثر المسافر من الدعاء ويلحّ على الله طلبًا للسلامة والتوفيق، والله سبحانه يحب العبد اللحوح في دعائه.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة (FAQs)

متى يبدأ وقت استجابة دعاء المسافر؟

يبدأ وقت استجابة الدعاء بمجرد أن يشرع المسلم في سفره ويغادر بنيان بلده، ويستمر هذا الفضل طوال فترة سفره حتى يعود إلى وطنه.

ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة وغير الثابتة؟

البديل الصحيح والأفضل هو الالتزام بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل دعاء الركوب المذكور أعلاه، فهو دعاء جامع وشامل، وإن دعا المسلم بأدعية عامة من عنده لخير يرجوه، فلا حرج في ذلك ما لم يعتقد أنها سنة متبعة.

هل يجوز أن أطلب من شخص مسافر أن يدعو لي؟

نعم، يجوز ذلك وهو من التواصي بالخير، فلما كان دعاء المسافر مستجابًا، فإن طلب الدعاء منه هو من باب التماس أسباب الإجابة والتعاون على البر والتقوى.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات