من أعظم النعم التي يمنّ الله بها على عباده هبة الذرية ورؤية مولود جديد، فالأبناء زينة الحياة الدنيا ومصدر الفرح والبهجة، وهم يجسدون البراءة بأنقى صورها، واستقبال هذه النعمة بالدعاء والشكر من هدي الإسلام القويم.
السنن النبوية عند استقبال المولود الجديد
يحرص المسلم على اتباع السنة النبوية عند قدوم مولود جديد، اقتداءً بهدي النبي ﷺ وتمسكًا بما شرعه الإسلام من آداب وأحكام مباركة، ومن السنن المستحبة في هذا المقام:
- الأذان في أذن المولود: يُستحب أن يؤذَّن في أذن المولود اليمنى عند ولادته، ليكون أول ما يقرع سمعه هو كلمات التوحيد وتعظيم الله.
- التحنيك: وهو أن يمضغ شخص صالح تمرة ثم يَدلُك بها حنك المولود داخل فمه، تأسياً بفعل النبي ﷺ مع المواليد، مع الدعاء له بالبركة، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
 “وُلِدَ لي غُلامٌ، فأتَيْتُ به النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فسَمَّاهُ إبْراهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بتَمْرَةٍ، ودَعا له بالبَرَكَةِ، ودَفَعَهُ إلَيَّ” (متفق عليه). 
- العقيقة: وهي ذبيحة تُذبح شكرًا لله على نعمة المولود، وتكون شاتين عن الغلام، وشاة واحدة عن الجارية، ويُستحب أن تكون في اليوم السابع من ولادته.
- حلق شعر الرأس والتصدق بوزنه: يُسن في اليوم السابع حلق شعر رأس المولود، والتصدق بوزن شعره فضة، لما في ذلك من بركة وطهارة.
- الختان: وهو من سنن الفطرة للذكور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
 “الفِطْرَةُ خَمْسٌ: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَنَتْفُ الآبَاطِ” (متفق عليه). 
- اختيار اسم حسن: من حق المولود على والديه أن يختارا له اسمًا ذا معنى طيب لا يخالف تعاليم الإسلام.
أدعية ثابتة من السنة النبوية للمولود الجديد
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، فهي الأدعية الجامعة المباركة، ومن الأدعية الصحيحة الثابتة التي تُقال للمولود:
1، دعاء تحصين المولود من الشرور
كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحصِّن حفيديه الحسن والحسين رضي الله عنهما بهذا الدعاء العظيم، وهو من أفضل ما يُقال لحفظ الطفل من العين والحسد وكل سوء:
أُعِيذُكَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ.
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 3371). إذا كان المولود أنثى، يُقال “أُعيذُكِ”، وإذا كانا اثنين يُقال “أُعيذُكُما”.
2، صيغة التهنئة المأثورة عن السلف
من أفضل صيغ التهنئة ما ورد عن الحسن البصري رحمه الله، حيث يُستحب أن يُقال لوالد المولود:
بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي الـمَوْهُوبِ لَكَ، وَشَكَرْتَ الوَاهِبَ، وبَلَغَ أَشُدَّهُ، وَرُزِقْتَ بِرَّهُ.
ويُستحب أن يرد عليه المهنَّأ فيقول: “بَارَكَ اللَّهُ لَكَ وبَارَكَ عَلَيْكَ، وجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، ورَزَقَكَ اللَّهُ مِثْلَهُ، وأَجْزَلَ ثَوَابَكَ”.
أدعية من القرآن الكريم للأبناء والذرية
لم يرد في القرآن الكريم دعاء مخصص للمولود لحظة ولادته، ولكن وردت أدعية عظيمة لطلب الذرية الصالحة وإصلاحها، يمكن الدعاء بها للمولود وفي كل وقت:
- دعاء زكريا عليه السلام:
 “رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ” (آل عمران: 38). 
- من دعاء عباد الرحمن:
 “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا” (الفرقان: 74). 
- دعاء إبراهيم عليه السلام:
 “رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ” (إبراهيم: 40). 
صيغ شائعة وأدعية عامة للمولود الجديد
تنتشر بين الناس صيغ للدعاء للمولود الجديد بمعانٍ طيبة، ورغم أنها لم ترد بنصها في السنة النبوية، إلا أنه يجوز الدعاء بها وبغيرها ما لم تتضمن محظورًا شرعيًا، لأن باب الدعاء واسع، ومن هذه الصيغ:
- “اللَّهُمَّ أَنْبِتْهُ نَبَاتًا حَسَنًا، وَاجْعَلْهُ قُرَّةَ عَيْنٍ لِوَالِدَيْهِ، وَاحْفَظْهُ، وَبَارِكْ لَنَا فِيهِ وَاجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالتَّقْوَى”، (وهذا الدعاء مستوحى من قوله تعالى في شأن مريم عليها السلام:
 “فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا” [آل عمران: 37]). 
- “اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْ حُفَّاظِ كِتَابِكَ، وَمِنْ دُعَاةِ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْهُ مُبَارَكًا أَيْنَمَا كَانَ”.
- “اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ الْجَمَالَ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ، وَالْقُوَّةَ فِي الدِّينِ وَالْبَدَنِ، وَالسَّعَادَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ”.
- “اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْهِ الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قَلْبِهِ، وَكَرِّهْ إِلَيْهِ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْهُ مِنَ الرَّاشِدِينَ”.
تنبيه هام وحكم الأدعية المنتشرة
تنبيه هام: إن الصيغ المذكورة أعلاه وغيرها مما يتداوله الناس هي أدعية عامة بمعانٍ حسنة، ولكنها لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذه النصوص المحددة، الدعاء عبادة، والأفضل والأكمل هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، مع جواز الدعاء بأدعية أخرى طيبة المعنى دون نسبتها إلى الشرع أو اعتقاد فضل خاص بها.
أجمل عبارات التهنئة بقدوم المولود الجديد
من العادات الطيبة تبادل التهاني عند قدوم مولود جديد، ويمكن استخدام أي عبارات تحمل معاني الفرح والبركة، ممزوجة بالدعاء الصادق، إليك بعض الأمثلة:
- بارك الله لكم في المولود، وجعله قرة عين لكم، وأنبته نباتًا حسنًا.
- مبارك ما وُهبتم، أسأل الله أن يجعله من الصالحين البارين، وأن يرزقكم بره.
- الحمد لله على تمام النعمة واكتمال المنة، رزقكم الله شكر الواهب وبر الموهوب.
- ألف مبارك قدوم أغلى الناس، جعله الله من مواليد السعادة وأقر به أعينكم.
ويكون الرد على المباركات بعبارات مثل: “بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا”، أو “آمين، ولك بمثل ما دعوت”، أو أي عبارات أخرى تعبر عن الشكر والامتنان.
المصادر والمراجع
- سورة آل عمران، الآية 38.
- سورة الفرقان، الآية 74.
- سورة إبراهيم، الآية 40.
- صحيح البخاري، حديث رقم 3371، وحديث رقم 5467، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2145، وحديث رقم 287، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- كتاب الأذكار، للإمام النووي، (فيما يخص أثر الحسن البصري في التهنئة).
أسئلة شائعة (FAQs)
ما هو الدعاء الصحيح لتحصين المولود الجديد؟
أصح ما ورد في تحصين المولود هو قول:
“أُعِيذُكَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ”
كما ثبت في صحيح البخاري.
هل يجوز الدعاء للمولود بأدعية من عندي؟
نعم، يجوز الدعاء للمولود بأي دعاء طيب ليس فيه اعتداء أو مخالفة شرعية، باب الدعاء واسع، ولكن الأفضل والأكمل هو استخدام الأدعية المأثورة من القرآن والسنة لأنها أجمع للخير وأعظم بركة.
ما هو الوقت الأفضل للدعاء للمولود؟
الدعاء للمولود مستحب في كل وقت، وخاصة عند ولادته، وفي اليوم السابع عند العقيقة، وفي أوقات إجابة الدعاء كالثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، ويوم الجمعة.
 
		

