يُعد الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق، من سلالة الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، أحد أبرز علماء المسلمين في عصره، وله مكانة رفيعة عند جميع طوائف المسلمين، وُلد في المدينة المنورة سنة 83 هـ، وتوفي فيها سنة 148 هـ، وقد عُرف بعلمه الواسع في الفقه والحديث والتفسير، وروى عنه كثير من كبار العلماء مثل الإمامين أبي حنيفة ومالك.
وتُنسب إليه العديد من الأدعية والمناجيات التي يتناقلها الناس لما فيها من معانٍ إيمانية عميقة، وفيما يلي عرض لبعض هذه الصيغ المتداولة.
أدعية عامة منسوبة للإمام جعفر الصادق
هذه مجموعة من الأدعية التي تُنسب إليه، وتحمل معاني الحمد والثناء وطلب الرزق والخير من الله تعالى.
- اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِكَ الَّتِي لَا تُحْصَى، وَكُلُّ حَمْدٍ يَلِيقُ بِعَظِيمِ عَطَائِكَ الَّذِي غَمَرَ حَيَاتَنَا، وَلِأَجْلِ كُلِّ خَيْرٍ أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا جَهْرًا كَانَ أَوْ بَاطِنًا.
- يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ، يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، يَا عَزِيزُ بِقُدْرَتِكَ، يَا جَوَادُ بِكَرَمِكَ، يَا سَامِعَ الدُّعَاءِ، يَا مُجِيبَ الرَّجَاءِ، يَا أَكْرَمَ مَنْ يُعْطِي وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- يَا رَبِّ أَسْأَلُكَ أَنْ تُقَوِّيَنِي بِعِزَّتِكَ الَّتِي لَا تُضَامُ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، وَتَجْعَلَ رِزْقِي عَوْنًا لِي عَلَى مُسَاعَدَةِ النَّاسِ الَّذِينَ ضَاقَ بِهِمُ الْحَالُ وَتَأَزَّمَتْ أَوْضَاعُهُمْ بِقَدَرِ أَقْدَارِكَ يَا غَنِيُّ يَا كَرِيمَ الْعَطَاءِ.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا رِزْقًا حَلَالًا وَاسِعًا مُبَارَكًا فِيهِ، يَكُونُ سَبَبًا لِحُسْنِ حَالِنَا فِي الدُّنْيَا وَسَعَادَةِ مَصِيرِنَا فِي الْآخِرَةِ، يَا وَهَّابَ الرِّزْقِ وَيَا وَاسِعَ الْإِحْسَانِ.
- يَا اللهُ، لَكَ الْحَمْدُ لِأَنَّكَ تَسْمَعُنَا حَتَّى فِي أَضْعَفِ لَحَظَاتِنَا، وَتَرْتَاحُ قُلُوبُنَا بِاللُّجُوءِ إِلَيْكَ، فَأَنْتَ الْأَقْرَبُ دَائِمًا وَأَبَدًا لِمَنْ دَعَاكَ، وَالْمُسْتَجِيبُ لِمَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ.
- اللَّهُمَّ الْحَمْدُ لَكَ عَلَى جُودِكَ الَّذِي يُعَوِّضُنِي بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّا أَطْلُبُ، وَأَنْتَ مَنْ تُرْضِينِي وَتَحْفَظُنِي عِنْدَمَا أَرْفَعُ رَجَائِي إِلَيْكَ، يَا خَيْرَ الْعَاطِينَ وَأَكْرَمَ الْوَاهِبِينَ.
صيغ منسوبة للإمام الصادق للوقاية من الحسد
الحسد من الأمراض القلبية التي حذّر منها الشرع، والتحصن منه يكون باللجوء إلى الله تعالى، يُنسب للإمام الصادق توجيهات وأدعية في هذا الشأن، منها:
- التأكيد على أن العين حق، وأن التحصن يكون بذكر الله تعالى، كقول: “مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ” عند رؤية ما يُعجب الإنسان في نفسه أو في غيره.
- الدعاء عند الابتلاء بصبر ورضا: “اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْمَرَضَ لِي أَدَبًا وَلَيْسَ غَضَبًا”.
- لزوم الشكر والحمد في كل حال، كقول: “اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مُصِيبَتِي فِي دِينِي، وَالْحَمْدُ لِلهِ عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي شَاءَ أَنْ يَكُونَ”.
دعاء منسوب للإمام جعفر الصادق للوقاية من الوحشة والأحلام المزعجة
وردت بعض الأدعية المنسوبة إليه للحماية من وساوس الشيطان في اليقظة والمنام، ومنها هذه الصيغة:
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَجِيرُ بِكَ مِنَ الِاحْتِلَامِ وَمِنْ سُوءِ الْأَحْلَامِ، وَأَسْتَعِيذُ بِكَ مِنْ أَنْ يَمَسَّنِي الشَّيْطَانُ فِي يَقَظَتِي أَوْ مَنَامِي، وَأَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَنْ تَحْفَظَنِي وَتَحْفَظَ أَهْلِي مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ”.
- عند الشعور بالوحشة، يُنصح بوضع اليد على القلب وذكر اسم الله، ثم الاستعاذة بعزة الله وقدرته من كل ما يخافه الإنسان ويحذره.
تنبيه هام وحكم هذه الأدعية
إخلاء مسؤولية وتوضيح شرعي: الأدعية والصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس وينسبونها إلى الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه، ومع جلالة قدر الإمام وعلمه، إلا أن هذه الصيغ المحددة لم تثبت في كتب السنة المعتبرة بسند صحيح ومُتصل إليه أو إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها هو الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، إن الأدعية القرآنية والأدعية النبوية الثابتة هي خير ما يدعو به المسلم، فهي جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها الكفاية والبركة والغنيمة.
يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بأي صيغة ليس فيها محذور شرعي، ولكن لا يجوز تخصيص فضل معين أو نسبة دعاء إلى شخص معين دون دليل صحيح ثابت، والأولى دائمًا هو الحرص على الأدعية المأثورة الصحيحة.
نبذة عن مكانة الإمام جعفر الصادق العلمية
يُعد الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه مرجعًا علميًا كبيرًا حظي بتقدير واحترام جميع العلماء في زمانه، وقد أثرى المكتبة الإسلامية بعلمه وفقهه، ومن أبرز جوانب مكانته:
- مصدر للرواية: اعتمد عليه كبار المحدثين في الرواية، ونقلوا عنه الأحاديث والآثار، لثقتهم في علمه وورعه.
- مرجعية فقهية: استند إلى آرائه واجتهاداته الفقهية كثير من العلماء، وكان الإمام أبو حنيفة النعمان يقول: “ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد”.
- مدرسة علمية: يُعتبر مؤسسًا لمدرسة علمية واسعة تخرج فيها العديد من الطلاب والعلماء الذين نشروا العلم في مختلف الأقطار الإسلامية.
- شمولية المعرفة: لم يقتصر علمه على العلوم الشرعية، بل يُنسب إليه اهتمام بعلوم أخرى كالطب والكيمياء والفلك، مما يعكس سعة اطلاعه.
إن مكانة الإمام جعفر الصادق ثابتة بعلمه وفضله الذي شهد به معاصروه ومن جاء بعدهم، سواء من خلال الروايات الصحيحة التي نُقلت عنه في كتب الحديث أو من خلال الأثر العلمي الكبير الذي تركه في الأمة.
المصادر والمراجع
لتحقيق مبدأ الموثوقية (E-E-A-T)، نعتمد على المصادر الأساسية في الإسلام عند تقديم البدائل الصحيحة للأدعية:
- سورة الفلق، القرآن الكريم.
- سورة الناس، القرآن الكريم.
- صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وكتب السنن المعتبرة، (يمكن مراجعة الأحاديث على موسوعة الدرر السنية).
- كتب التراجم والسير المعتبرة مثل “سير أعلام النبلاء” للإمام الذهبي.
الأسئلة الشائعة (FAQs)
س1: هل الأدعية المنسوبة للإمام جعفر الصادق صحيحة وثابتة؟
ج: معظم الأدعية المحددة والمنتشرة بين الناس والمنسوبة للإمام جعفر الصادق لا يوجد لها سند صحيح ومتصل في كتب الحديث المعتبرة، ورغم أن معانيها قد تكون صحيحة، إلا أن نسبتها إليه بشكل قاطع غير دقيق من الناحية العلمية، والأفضل هو الالتزام بالأدعية الثابتة في القرآن والسنة.
س2: ما هو البديل الصحيح للتحصن من الحسد والعين؟
ج: أفضل ما يتحصن به المسلم هو ما ورد في الشرع، ومن ذلك:
- قراءة المعوذتين (سورة الفلق وسورة الناس) وآية الكرسي.
- الدعاء بالأدعية النبوية الثابتة، مثل:
 “أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ” (رواه البخاري). 
- المحافظة على أذكار الصباح والمساء، فهي حصن للمسلم.
س3: هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي غير مأثورة؟
ج: نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم أو اعتداء، فباب الدعاء واسع، ولكن الأكمل والأفضل هو الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة لأنها أجمع للمعاني وأعظم في البركة.
 
		
