إن دخول الجنة هو غاية كل مسلم ومبتغاه، ففيها النعيم المقيم ورضوان الله تعالى، وقد أرشدنا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة إلى العديد من الأدعية والأعمال الصالحة التي تكون سبباً، برحمة الله، في الفوز بهذا المأوى الكريم، نستعرض في هذا المقال أدعية صحيحة ومأثورة لطلب الجنة، مع بيان مصادرها وأهم الأعمال التي تقربنا منها.
أدعية صحيحة من السنة النبوية لطلب الجنة
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية جامعة تعد من كنوز السنة، يسأل فيها المسلم ربه خيرَي الدنيا والآخرة، وفي مقدمتها الجنة، ومن هذه الأدعية الصحيحة:
- الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم علّمها هذا الدعاء:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا”.
(المصدر: سنن ابن ماجه، حديث رقم 3846، وصححه الألباني)..
- الدعاء باسم الله الأعظم: عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ”.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
“وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى”.
(المصدر: سنن الترمذي، حديث رقم 3475، حديث صحيح)..
- دعاء طلب الحساب اليسير: عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته:
“اللَّهُمَّ حَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا”.
فلما انصرف، قلت: يا نبي الله، ما الحساب اليسير؟ قال:
“أَنْ يَنْظُرَ فِي كِتَابِهِ فَيَتَجَاوَزَ عَنْهُ، إِنَّهُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَئِذٍ يَا عَائِشَةُ هَلَكَ”.
(المصدر: مسند الإمام أحمد، حديث رقم 24216، حديث صحيح لغيره)..
أدعية قرآنية لطلب الجنة
القرآن الكريم هو مصدر الهداية الأول، وقد علمنا الله فيه أدعية عظيمة يسأله بها عباده الصالحون الفوز بالجنة والنجاة من النار، ومنها:
- دعاء عباد الرحمن الذي يجمع بين خيري الدنيا والآخرة:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
(سورة البقرة، الآية: 201)..
- دعاء أولي الألباب الذي يقرنون فيه الإيمان بالاستغفار وطلب الوقاية من النار:
“رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ”
(سورة آل عمران، الآيتان: 193-194)..
صيغ دعاء عامة ومأثورة
بالإضافة إلى الأدعية الثابتة في القرآن والسنة، يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بصيغ عامة وجوامع للخير، يسأل فيها الجنة بقلب خاشع ولسان صادق، ومن الأمثلة على هذه الأدعية التي تجمع خيري الدنيا والآخرة:
- “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى مِنَ الْجَنَّةِ، بِلَا حِسَابٍ وَلَا سَابِقَةِ عَذَابٍ، لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ”.
- “يَا رَبِّ، ارْزُقْنَا لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ”.
- “اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ سَخَطِكَ وَالنَّارِ”.
تنبيه هام: هذه الصيغ هي من الأدعية العامة التي لم ترد بلفظها في حديث معين، ولكن معانيها صحيحة وتوافق مقاصد الشريعة، والأفضل للمسلم أن يلتزم بالأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي أجمع للخير وأعظم في البركة.
أسباب عظيمة لدخول الجنة
الدعاء يجب أن يقترن بالعمل الصالح، وقد دلت النصوص الشرعية على أعمال عظيمة تكون سبباً، بفضل الله، في دخول الجنة، ومن أهمها:
- التوحيد وإخلاص العبادة لله: وهو أعظم سبب لدخول الجنة، فمن مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة.
- بر الوالدين: وهو من أحب الأعمال إلى الله، وباب عظيم من أبواب الجنة.
- المحافظة على الصلوات الخمس والفرائض: فهي عمود الدين وأول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة.
- أداء اثنتي عشرة ركعة من السنن الرواتب يومياً: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ”.
(المصدر: صحيح مسلم، حديث رقم 728). وهذه الركعات هي: ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء..
- كفالة اليتيم: وهو عمل يوصل إلى رفقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، حيث قال:
“أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا” وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا.
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6005)..
- التحلي بالأخلاق الحسنة: كالصدق والأمانة وحسن الجوار، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ”.
(المصدر: صحيح البخاري، حديث رقم 6094)..
- الصبر عند البلاء: فالصبر من أعظم مقامات الإيمان، وقد وعد الله الصابرين أجراً بغير حساب.
إن الطريق إلى الجنة يبدأ بإخلاص النية لله تعالى، واتباع هدي نبيه صلى الله عليه وسلم، مع حسن الظن بالله والرجاء في واسع رحمته، والمداومة على الدعاء والعمل الصالح حتى يأتي اليقين.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة آل عمران، الآيتان 193-194.
- سنن ابن ماجه، حديث رقم 3846، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3475، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- مسند الإمام أحمد، حديث رقم 24216، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 728، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6005، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6094، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول أدعية دخول الجنة
- ما هو أفضل دعاء لطلب الجنة؟
- أفضل الأدعية هي ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، لأنها جامعة للمعاني ومباركة، ومن أجمعها دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ…”.
- هل يجوز أن أدعو بصيغ من عندي لطلب الجنة؟
- نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من صيغ طيبة لا تخالف الشريعة، ولكن الالتزام بالأدعية المأثورة هو الأكمل والأفضل.
- ما هي الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء؟
- هناك أوقات وأحوال عديدة يُرجى فيها إجابة الدعاء، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وعند نزول المطر، وآخر ساعة من يوم الجمعة.
- كيف أجمع بين الدعاء والعمل لدخول الجنة؟
- الإيمان الحق يقتضي الجمع بين الرجاء والعمل، فالمسلم يدعو الله بقلب صادق متوكل، وفي نفس الوقت يجتهد في فعل الطاعات وترك المحرمات، فالأسباب الشرعية لدخول الجنة تشمل الدعاء والعمل الصالح معاً.

