يتوجه العبد إلى الله سُبحانه وتعالى بالدعاء، مُتضرعًا وطالبًا العون والشفاء، فالدعاء من أعظم العبادات التي يجد فيها المسلم طمأنينته وسكينته، ويحرص الكثيرون على ترديد أدعية الشفاء، سواء من المريض نفسه أو من أهله ومحبيه، راجين من الله تعالى القبول والاستجابة.
أدعية ثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية للمريض
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الخير والبركة، ومن هذه الأدعية:
- دعاء النبي ﷺ لشفاء المريض: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضًا يقول:
“اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ البَأْسَ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا”.
المصدر: متفق عليه (رواه البخاري ومسلم)، هذا الدعاء من أصح الأدعية وأنفعها، حيث يتضمن التوسل إلى الله بربوبيته، والإقرار بأنه الشافي وحده.
- دعاء لوضع اليد على موضع الألم: إذا شعر المريض بألم في جسده، يُسن له أن يضع يده على موضع الألم ويقول:
“بِاسْمِ اللهِ” (ثلاث مرات)، ثم يقول: “أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ” (سبع مرات).
المصدر: صحيح مسلم، وهو دعاء عظيم للاستعاذة بالله من شدة الألم الحاضر وما يُخشى منه في المستقبل.
- دعاء الكرب والشدة: وهو دعاء جامع لتفريج الهموم والكروب، ومنها كرب المرض:
“لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”.
المصدر: متفق عليه (رواه البخاري ومسلم).
- دعاء نبي الله يونس عليه السلام: وهو من أعظم الأدعية لتفريج الكروب، وقد قال النبي ﷺ عنه أنه ما دعا به مسلم في شيء إلا استجاب الله له.
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”، [الأنبياء: 87]
.
أدعية عامة يمكن الدعاء بها قبل دخول العمليات
إلى جانب الأدعية الثابتة، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ طيبة لا تخالف الشرع، يسأل فيها ربه الشفاء وتيسير الأمر، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يمكن الاستئناس بها:
- اللَّهُمَّ يَا مَنْ لا يُعجِزُكَ شَيءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ، أَسأَلُكَ بِلُطفِكَ الَّذِي وَسِعَ كُلَّ شَيءٍ، أَنْ تَكُونَ مَعِي، وَأَنْ تُسكِنَ قَلبِي الطُّمَأنِينَةَ، وَأَنْ تُلبِسَنِي لِبَاسَ العَافِيَةِ، وَتَعفُوَ عَنِّي وَعَنْ كُلِّ مَرِيضٍ يَا كَرِيمُ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَستَودِعُكَ نَفسِي وَجَسَدِي، فَاحفَظنِي بِحِفظِكَ الَّذِي لا يُرَامُ، وَاكلَأنِي بِعَينِكَ الَّتِي لا تَنَامُ، رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَيَسِّرْ وَلا تُعَسِّرْ، وَأَخرِجنِي مِنْ هَذِهِ المِحنَةِ سَالِمًا مُعَافًى.
- يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحمَتِكَ أَستَغِيثُ، أَصلِحْ لِي شَأنِي كُلَّهُ، وَلا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي طَرفَةَ عَينٍ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُفَوِّضُ أَمرِي إِلَيكَ، فَإِنَّكَ بَصِيرٌ بِالعِبَادِ.
- اللَّهُمَّ مَا عَجَزَ عَنهُ الأَطِبَّاءُ فَأَنتَ رَبُّ الأَطِبَّاءِ وَلا يَعجِزُكَ شَيءٌ، اللَّهُمَّ اشفِنِي وَاشفِ كُلَّ مَرِيضٍ يَتَأَلَّمُ، وَأَلبِسنَا لِبَاسَ الصِّحَّةِ وَالعَافِيَةِ، أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أن يشفيني.
صيغ منتشرة وحكمها الشرعي
تنتشر بين الناس بعض الأدعية والصيغ المخصصة لمناسبات معينة، مثل تيسير الولادة، والتي لم ترد في مصادر التشريع المعتبرة، ومن أمثلة ذلك:
- صيغة: “يا حَيُّ يا قَيُّومُ..، اخْرُجْ أَيُّها المَولودُ بقُدرَةِ المَلِكِ والمَعبودِ”.
تنبيه هام وحكم الدعاء بهذه الصيغ: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة، أما تخصيص صيغ معينة بأوقات أو فضائل لم يرد بها دليل شرعي فهو أمر محدث ينبغي تجنبه، ويكفي المسلم أن يدعو بالأدعية العامة الثابتة لتيسير أموره كلها.
دور الأهل في دعم المريض
تُعد لحظة دخول غرفة العمليات تجربة تتطلب دعمًا نفسيًا وإيمانيًا كبيرًا، ويقع على عاتق الأهل والأقارب مسؤولية عظيمة في الوقوف بجانب مريضهم، وتقديم الدعم له، والإكثار من الدعاء بظهر الغيب، فهو من أسباب استجابة الدعاء، وتتوزع هذه المسؤولية بشكل طبيعي داخل الأسرة:
- الوالدان: رعايتهما واجبة على الأبناء، وهي من أعظم صور البر، خاصة في أوقات المرض والضعف.
- الزوج والزوجة: كل منهما سند لشريكه، ورعاية أحدهما للآخر عند المرض من أسمى صور المودة والرحمة.
- الأبناء: وجودهم بجانب والديهم المريضين ودعاؤهم لهم هو ردٌ لجزء يسير من جميلهم وتضحياتهم.
- الإخوة والأخوات: هم العون والسند، خاصة عند الحاجة، ووقوفهم بجانب بعضهم يعزز روابط المحبة والألفة.
فهم عبادة الدعاء وأنواعها
الدعاء هو لب العبادة، وهو صلة مباشرة بين العبد وربه، يبث فيه حاجاته وشكواه، ويطلب منه العون والمدد، وقد وعد الله تعالى عباده بالإجابة فقال:
“وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ”، [البقرة: 186]
وينقسم الدعاء بشكل عام إلى نوعين رئيسيين:
- دعاء العبادة: ويشمل كل العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، كالصلاة والذكر والتسبيح، فالعابد بفعله ذاكر لله وسائل له القبول.
- دعاء المسألة: وهو الطلب المباشر من الله تعالى لجلب نفع أو دفع ضر، كطلب الشفاء، أو الرزق، أو المغفرة.
ومن أنفع الدعاء وأعظمه أجرًا الدعاء بظهر الغيب، وهو أن تدعو لأخيك المسلم دون علمه، فإنه حينها يؤمِّن ملك على دعائك ويقول: “ولك بمثل”.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 186.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- حديث “اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ…”، متفق عليه، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ…”، رواه مسلم، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- حديث “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ…”، متفق عليه، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل دعاء يقال للمريض قبل دخوله العملية؟
أفضل الأدعية هي الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: “اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ البَأْسَ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا”، ويمكن للمريض أو أهله الدعاء به وبغيره من الأدعية الصحيحة.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لم ترد في السنة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من الأدعية الطيبة التي ليس فيها اعتداء أو مخالفة شرعية، كأن يسأل الله تيسير العملية ونجاحها، ولكن يبقى الأفضل والأكمل هو الدعاء بالمأثور عن النبي ﷺ لأنه أجمع للخير وأعظم بركة.
ما حكم الأدعية المنتشرة لتيسير الولادة أو العمليات التي لم تثبت بدليل؟
لا يجوز تخصيص دعاء معين بفضل أو وقت معين إلا بدليل شرعي، الأدعية المنتشرة التي لم تثبت بسند صحيح، مثل صيغة “اخرج أيها المولود…”، تدخل في باب المحدثات إذا اعتُقد أن لها فضلاً خاصًا أو أنها سنة، الأَولى تركها والالتزام بالأدعية العامة والثابتة في القرآن والسنة.


