الدعاء الصحيح عند ذبح الأضحية: دليلك الشامل من السنة النبوية، هو ما يبحث عنه كل مسلم مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، فالأضحية شعيرة عظيمة يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وهي سُنَّة مؤكدة عن نبينا محمد ﷺ لمن قدر عليها، ولكي تكون هذه العبادة مقبولة وكاملة، يُستحب للمسلم أن يلتزم بالهدي النبوي في كل خطواتها، ومن أهمها ذكر الله والدعاء عند الذبح، طلبًا للقبول والبركة.
الأدعية الثابتة في السنة النبوية عند ذبح الأضحية
وردت في السنة النبوية الصحيحة صيغ وأدعية كان النبي ﷺ يقولها عند ذبح أضحيته، الالتزام بهذه الصيغ هو الأفضل والأكمل، فهي كافية ومباركة، وفيما يلي أبرز ما صحَّ عن النبي ﷺ:
- التسمية والتكبير (وهي واجبة عند الذبح): أبسط وأهم ما يقال عند الذبح هو قول: “بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ”، هذا الركن الأساسي الذي لا يصح الذبح بدونه عند جمهور العلماء.
- الدعاء بالقبول للنفس والأهل: ثبت في صحيح مسلم أن النبي ﷺ عند ذبح أضحيته قال:
“بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ”.
(رواه مسلم)، وعلى هذا القياس، يمكن للمضحي أن يقول: “بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِي”.
- الدعاء عند ذبح أضحية الغير: إذا كان الشخص يذبح أضحية غيره بالوكالة، فإنه يسمي الله ويكبر، ثم يقول: “اللهم تقبل من فلان”، ذاكرًا اسم صاحب الأضحية.

صيغ منتشرة تُنسب للأضحية وحكمها الشرعي
يتداول بعض الناس صيغًا مطولة للدعاء عند الذبح، ومن المهم توضيح ما ورد فيها وما لم يثبت بسند صحيح، من هذه الصيغ ما يُروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال عند ذبحه:
“إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ، بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ”.
هل هذا الدعاء ثابت؟
تنبيه هام: هذا الحديث رواه أبو داود وأحمد وغيرهما، ولكن في سنده مقال، وقد ضعَّفه جمع من أهل العلم والمحققين، وعلى الرغم من أن معانيه صحيحة، إلا أن الاقتصار على ما ثبت في الأحاديث الصحيحة، مثل حديث عائشة في صحيح مسلم (“بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ…”)، هو الأولى والأحوط والأكمل اتباعًا للسنة، فالدعاء عبادة، والأصل فيها التوقيف والالتزام بما هو ثابت وصحيح.
الضوابط والآداب الشرعية لذبح الأضحية
الأضحية عبادة عظيمة لها آداب وسنن ينبغي للمسلم مراعاتها لتحصيل كامل الأجر، ومن أهم هذه الآداب:
- وقت الذبح: يبدأ وقت الذبح بعد صلاة عيد الأضحى، وينتهي بغروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، والذبح قبل صلاة العيد لا يُعتبر أضحية بل هو شاة لحم، كما ورد في الحديث الصحيح:
“مَن صَلَّى صَلَاتَنَا، ونَسَكَ نُسْكَنَا، فقَدْ أصَابَ النُّسُكَ، ومَن نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ”.
(رواه البخاري).
- الإحسان إلى الذبيحة: من أهم الآداب هو الرفق بالذبيحة والإحسان إليها، وذلك بسن السكين جيدًا وإراحتها وعدم ذبحها أمام غيرها، قال النبي ﷺ:
“إنَّ اللهَ كتب الإحسانَ على كلِّ شيءٍ، فإذا قَتَلْتُم فأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذا ذَبَحْتُم فأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، ولْيُحِدَّ أحدُكم شَفْرَتَه ولْيُرِحْ ذبيحتَه”.
(رواه مسلم).
- استقبال القبلة: يُستحب توجيه الذبيحة نحو القبلة عند ذبحها.
- كيفية الإضجاع: السنة أن تُضجع الشاة أو البقرة على جنبها الأيسر، مع ترك رجلها اليمنى تتحرك بحرية بعد الذبح.
- الذبح السريع: يجب أن يتم قطع الحلقوم والمريء والودجين (العرقان المحيطان بالعنق) بسرعة وبآلة حادة لتعجيل خروج الروح وتقليل الألم.
- عدم كسر العنق أو السلخ قبل الموت: يُكره كسر عنق الذبيحة أو البدء بسلخها قبل أن تبرد تمامًا وتتوقف حركتها، للتأكد من زهوق روحها.
السنن المستحبة عقب ذبح الأضحية
بعد إتمام عملية الذبح وفق الشريعة، يُسن للمضحي أمور منها:
- الأكل من الأضحية: يُستحب للمضحي وأهل بيته أن يأكلوا من لحم الأضحية، كان النبي ﷺ لا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته.
- التصدق والإهداء: السنة هي توزيع لحم الأضحية، امتثالًا لقوله تعالى:
“فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”
[الحج: 28].

آلية توزيع الأضحية وفق الأحكام الشرعية
لم يرد نص شرعي صحيح يُلزم بتقسيم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث، ولكن استحب كثير من العلماء والفقهاء تقسيمها كذلك، عملًا بالآيات والأحاديث التي تحث على الأكل والإطعام، والطريقة المستحبة هي:
- ثلث للمضحي وأهل بيته: يأكلون منه ويدخرون.
- ثلث للأقارب والجيران: يُهدى إليهم، ولو كانوا أغنياء، من باب توثيق الصلات والمودة.
- ثلث للفقراء والمحتاجين: يُتصدق به عليهم، وهو المقصد الأعظم من شعيرة الإطعام في هذا اليوم.
هذا التقسيم هو على سبيل الاستحباب والأفضلية، وللمضحي أن يتصرف فيها كيفما يشاء، فيأكلها كلها أو يتصدق بها كلها، ولكن الجمع بين الأكل والإهداء والصدقة هو الأكمل والأقرب لتحقيق مقاصد الشريعة.
المصادر والمراجع
- سورة الحج، الآية 28.
- صحيح البخاري، حديث رقم 5545، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 1967، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 1955، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 2795، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أقل ما يُقال عند ذبح الأضحية؟
أقل ما يجب قوله ويصح به الذبح هو: “بِسْمِ اللهِ”، والأكمل أن يضيف “وَاللهُ أَكْبَرُ”.
هل دعاء “إني وجهت وجهي…” صحيح عند الذبح؟
هذا الدعاء ورد في حديث فيه ضعف عند أهل العلم، والأفضل والأحوط هو الاقتصار على الأدعية الثابتة في الأحاديث الصحيحة، مثل قول “بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي”.
ما هو الوقت الأفضل لذبح الأضحية؟
أفضل وقت للذبح هو اليوم الأول من عيد الأضحى (يوم النحر) بعد صلاة العيد مباشرة.
هل يجب تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث؟
لا يجب ذلك، بل هو مستحب عند جمهور العلماء، للمضحي أن يوزعها كيفما يشاء، ولكن الجمع بين الأكل والإهداء والصدقة هو الأفضل لتحقيق الحكمة من هذه الشعيرة.