إن الدعاء عند ذبح الأضحية من السنن النبوية التي يحرص عليها المسلم اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقد وردت عن النبي ﷺ عدة صيغ وأفعال عند الذبح، منها ما هو واجب لا تصح الأضحية بدونه، ومنها ما هو مستحب يُثاب فاعله، تتفق الروايات الصحيحة على أصل الذكر عند النحر، مع وجود بعض الزيادات الواردة في أحاديث أخرى، مما يعطي للمضحي سعة في الاختيار بين الصيغ الثابتة.
ماذا يُقال عند ذبح الأضحية: الأدعية الثابتة من السنة
الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند ذبح الأضحية هو التسمية والتكبير، مع جواز إضافة بعض الأدعية المأثورة الأخرى للقبول، ويمكن تفصيل ذلك على النحو التالي:
1، التسمية (واجبة)
أجمع العلماء على وجوب قول “بِسْمِ اللَّهِ” عند الذبح، وهي ركن أساسي لا تصح الذبيحة بدونه، الدليل على وجوبها قول الله تعالى:
“وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ” [الحج: 34].
2، التكبير (سنة مؤكدة)
يُسن للمضحي أن يُكبّر بعد التسمية فيقول: “بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ”، وقد ثبت هذا الفعل عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة.
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
 “ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا”، (متفق عليه: صحيح البخاري، 5565؛ صحيح مسلم، 1966). . 
3، الدعاء بالقبول (مستحب)
يُستحب للمضحي أن يدعو الله بالقبول، وأن يُعيّن الأضحية عمن هي، بالصيغ التالية:
- “اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ”: ومعناها أن هذه الأضحية هي رزق منك يا الله، ونحن نتقرب بها إليك.
- “اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي (أو من فلان) وَآلِ بَيْتِي”: وفيها يسأل الله قبول هذا النسك.
وقد وردت هذه الزيادات في أحاديث صحيحة:
- عن عائشة رضي الله عنها:
 “أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ..، فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ”، (صحيح مسلم، 1967). . 
- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح كبشاً وقال:
 “بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي”، (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني). . 
صيغ شائعة تُنسب لدعاء الأضحية
تنتشر بين الناس صيغة مطولة تبدأ بقول: “إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ…” إلى آخر الآيات من سورة الأنعام، ثم يتبعها بالدعاء.
تنبيه هام: هذه الصيغة وردت في حديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، ولكن الحديث الذي يذكرها عند الذبح تحديداً قد ضعّفه أهل العلم، وعلى الرغم من أن معانيها صحيحة وجليلة، إلا أن الاقتصار على ما ثبت في الأحاديث الصحيحة (التسمية والتكبير والدعاء بالقبول) هو الأولى والأفضل، الدعاء عبادة، والأصل فيها الاتباع والالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة.
حكم الدعاء عند ذبح الأضحية: بين الواجب والمستحب
بناءً على الأدلة الشرعية، قسّم الفقهاء الذكر عند ذبح الأضحية إلى قسمين:
- الذكر الواجب: هو قول “بِسْمِ اللَّهِ”، من تركها عمدًا لم تحل ذبيحته، ودليل ذلك قوله تعالى:
 “وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ” [الأنعام: 121]. . 
- الذكر المستحب: هو ما زاد على التسمية، مثل التكبير “اللَّهُ أَكْبَرُ”، والدعاء بالقبول “اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلانٍ”، من أتى به نال أجر السنة، ومن تركه واقتصر على التسمية فأضحيته صحيحة ومجزئة.
تطبيقات دعاء الأضحية في حالات مختلفة
عند الاشتراك في الأضحية أو الذبح عن الغير:
إذا كانت الأضحية عن شخص أو مجموعة أشخاص، يُسن للمضحي أن يسمّيهم عند الدعاء، فيقول بعد التسمية والتكبير:
“بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ، هَذَا عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِي (أو: عَنْ فُلانٍ وَفُلانٍ)، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي وَمِنْهُمْ”.
عند ذبح الأضحية عن الميت:
أجاز جمهور الفقهاء الأضحية عن الميت، وتُعد من الصدقة الجارية التي يصل ثوابها إليه، صيغة الدعاء لا تختلف، ولكن ينوي المضحي أن ثوابها للميت، فيقول:
“بِسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ، هَذَا عَنْ فُلانٍ (يذكر اسم الميت)، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلانٍ”.
ويستدل على مشروعية الصدقة عن الميت بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:
“إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”، (صحيح مسلم، 1631).
نية ذبح الأضحية: هل لها دعاء خاص؟
النية محلها القلب، ولا يُشترط التلفظ بها، ولا يوجد دعاء مخصص لنية الأضحية، يكفي أن يعقد المسلم النية في قلبه بأن هذه الذبيحة هي أضحية يتقرب بها إلى الله تعالى، والأعمال كلها مرتبطة بالنيات كما في الحديث الصحيح:
- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
 “إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى…”، (صحيح البخاري، 1). . 
التوقيت الصحيح لذبح الأضحية
يبدأ وقت ذبح الأضحية بعد انتهاء صلاة عيد الأضحى في بلد المضحي، ويمتد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق (وهو اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة)، فالذبح مشروع في يوم العيد وثلاثة أيام بعده.
- عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
 “إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ”، (صحيح البخاري، 965). . 
شروط وضوابط الأضحية الشرعية
لصحة الأضحية وقبولها، يجب أن تستوفي الشروط التالية المستمدة من القرآن والسنة:
- أن تكون من بهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم (الضأن والماعز).
- بلوغ السن المعتبر شرعًا: الجَذَع من الضأن (أتم ستة أشهر)، والثَّنِي من الماعز (أتم سنة)، والثَّنِي من البقر (أتم سنتين)، والثَّنِي من الإبل (أتم خمس سنوات).
- السلامة من العيوب المانعة: وهي العيوب الواضحة التي تنقص من قيمة اللحم، كالعرج البيّن، والعور البيّن، والمرض البيّن، والهزال الشديد.
- الملكية الشرعية: أن تكون الأضحية مملوكة للمضحي ملكًا تامًا، فلا تصح بالمغصوب أو المسروق.
- الذبح في الوقت المحدد: أن يكون الذبح ضمن الفترة الزمنية المحددة شرعًا، من بعد صلاة العيد إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
المصادر والمراجع
- سورة الأنعام، الآية 121.
- سورة الحج، الآية 34.
- صحيح البخاري، أحاديث رقم: 1، 965، 5565، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، أحاديث رقم: 1631، 1966، 1967، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود وسنن الترمذي، حديث جابر بن عبد الله، (تم التحقق من درجة صحته عبر مصادر الحديث المعتمدة).
أسئلة شائعة حول دعاء الأضحية
ما هو أقل ما يُجزئ قوله عند ذبح الأضحية؟
أقل ما يجزئ ويجب قوله هو “بِسْمِ اللَّهِ”، ومن تركها عمدًا لم تصح أضحيته.
هل يجب أن أذكر اسمي عند الدعاء؟
لا يجب، ولكنه مستحب، إذا نويت بقلبك أن الأضحية عنك وعن أهل بيتك، فالنية كافية، والتلفظ بها هو من باب التأكيد واتباع السنة.
ماذا أفعل إذا نسيت الدعاء واكتفيت بالتسمية؟
أضحيتك صحيحة ومقبولة بإذن الله، لأن الواجب هو التسمية، أما باقي الأدعية فهي من السنن المستحبة التي يُؤجر فاعلها ولا يأثم تاركها.
 
		

