الحرائق والكوارث من الابتلاءات الشديدة التي تُظهر ضعف الإنسان وحاجته إلى اللجوء إلى الله تعالى طلبًا للحماية والأمان، فمشهد النيران المشتعلة أو سماع خبر إصابة عزيز، يورث في النفس شعورًا بالعجز والخوف، وفي هذه المواقف العصيبة، يجد المسلم طمأنينته وسكينته في التوجه إلى الله بالدعاء، فهو السلاح الأقوى للمؤمن والصلة المباشرة بخالقه.
إن أفضل ما يُدعى به في كل وقت، وخاصة في أوقات الشدائد، هو ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة ومباركة وثابتة المصدر.
أدعية نبوية صحيحة للحماية من الكوارث والمصائب
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أُوتي جوامع الكلم، وفي أدعيته الكفاية والبركة، ومن هذه الأدعية الصحيحة التي تُقال للتحصين والحماية من كل سوء، بما في ذلك الحرائق:
- دعاء الحماية من كل ضرر: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
“مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ”.
(رواه أبو داود والترمذي، حديث حسن صحيح).
- دعاء للوقاية من المصائب الشديدة: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الاستعاذة من شدة البلاء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ:
“جَهْدِ الْبَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ”.
(رواه البخاري ومسلم).
- دعاء زيارة المريض والمصاب (ومنهم مصابو الحروق): عند زيارة شخص مصاب، يُسن الدعاء له بالشفاء بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها:
“أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعُودُ بَعْضَ أَهْلِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ الْبَأْسَ، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا”.
(رواه البخاري ومسلم).
صيغ وأدعية عامة شائعة
يتداول الناس بعض الصيغ الدعائية العامة التي يسألون الله فيها الحماية من الحرائق والمصائب، يمكن الدعاء بهذه الصيغ وأمثالها بنية التضرع إلى الله، فهي تحمل معاني طيبة، ولكن من المهم معرفة حكمها الشرعي.
- اللَّهُمَّ قِنَا شَرَّ النِّيرَانِ وَالْحَرَائِقِ، وَاحْفَظْنَا مِنْ سُوءِ الْأَقْدَارِ، وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَمِنْ كُلِّ بَلَاءٍ سَلَامَةً.
- يَا رَبِّ، نَسْأَلُكَ بِلُطْفِكَ الَّذِي وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَحْمِيَنَا وَأَحْبَابَنَا مِنْ شُرُورِ الْمَصَائِبِ، وَأَنْ تُنْزِلَ الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ فِي حَيَاتِنَا.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ.
- يَا رَبِّ، خَفِّفْ آلَامَ كُلِّ مُصَابٍ، وَاشْفِهِ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا، وَاجْعَلْ مَا أَصَابَهُ بَرْدًا وَسَلَامًا وَرِفْعَةً فِي دَرَجَاتِهِ.
تنبيه هام وحكم الأدعية المنتشرة
تنبيه: الصيغ المذكورة أعلاه هي من الأدعية العامة التي يتداولها الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بهذه الكيفية المحددة. الدعاء عبادة، والأصل فيها هو الاتباع والالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ففيها الخير والبركة والكفاية، ولا يجوز نسبة هذه الأدعية إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو تخصيص فضل معين أو وقت معين لها لم يرد به دليل شرعي.
أدعية جامعة للخير وطلب السلامة
يمكن للمسلم أن يدعو الله بما يفتح عليه من الأدعية التي تجمع خيري الدنيا والآخرة، مع التيقن بالإجابة وحسن الظن بالله.
- اللَّهُمَّ اكْفِنَا شَرَّ الْحَرِيقِ وَالْغَرَقِ وَكُلَّ سُوءٍ، وَاحْفَظْنَا وَأَهْلِينَا وَبُيُوتَنَا بِحِفْظِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ نَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنَا إِلَى أَنْفُسِنَا طَرْفَةَ عَيْنٍ.
- اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَوْدِعُكَ أَنْفُسَنَا وَأَهْلِينَا وَأَمْوَالَنَا، فَاحْفَظْنَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ.
ومن أعظم الأدعية الجامعة التي وردت في القرآن الكريم، دعاء يجمع خيري الدنيا والآخرة:
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
[البقرة: 201].
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- حديث “بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء”، (يمكن مراجعته في سنن أبي داود، حديث رقم 5088، وسنن الترمذي، حديث رقم 3388، على موسوعة الدرر السنية).
- حديث التعوذ من “جهد البلاء”، (يمكن مراجعته في صحيح البخاري، حديث رقم 6347، وصحيح مسلم، حديث رقم 2707، على موسوعة الدرر السنية).
- حديث دعاء المريض “اللهم رب الناس”، (يمكن مراجعته في صحيح البخاري، حديث رقم 5743، وصحيح مسلم، حديث رقم 2191، على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
س: هل يوجد دعاء خاص يُقال عند رؤية الحريق؟
ج: لم يثبت في السنة النبوية دعاء مخصص يُقال عند رؤية الحريق تحديدًا، ولكن يُشرع للمسلم أن يكبر الله (يقول: الله أكبر) لما في ذلك من إخضاع كل كبير لعظمة الله، وأن يسأل الله العافية، ويدعو للمصابين بالسلامة واللطف، ويستعيذ بالله من شر ما يرى.
س: ما هو أفضل دعاء للوقاية من المصائب بشكل عام؟
ج: من أفضل وأجمع الأدعية للوقاية هو دعاء: “بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” ثلاث مرات صباحًا ومساءً، فهو حصن للمسلم بإذن الله من كل ضرر مفاجئ.
س: هل يجوز الدعاء بالصيغ المنتشرة على الإنترنت للحماية من الحريق؟
ج: يجوز الدعاء بها على أنها دعاء عام ومطلق، بشرط ألا يُعتقد أنها سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أن لها فضلاً خاصًا، والأفضل دائمًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة الصحيحة.

