إنَّ الابتلاء بالمرض أو المصائب من أقدار الله تعالى التي تحمل في طياتها حِكَماً عظيمة، منها تكفير الذنوب ورفعة الدرجات، وهو اختبارٌ لصبر المؤمن ويقينه، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء هو من أعظم العبادات وأهم أسباب كشف الكروب، حيث يتوجّه العبد إلى خالقه بقلبٍ مُخلِص، مُسلِّمًا أمره كله له، وراجياً رحمته وشفاءه.
وقد أرشدنا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة إلى أدعية جامعة ومباركة تُعين المسلم على التماس الشفاء ودفع البلاء.
أدعية ثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي أدعية جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها البركة والفضل العظيم.
1، أدعية من القرآن الكريم
اشتمل القرآن الكريم على أدعية للأنبياء والصالحين في أوقات الشدة، وهي من أفضل ما يُدعى به:
- دعاء نبي الله أيوب عليه السلام: وهو دعاء عظيم للمكروب والمريض، يجمع بين الإقرار بالحال والتوحيد.
 “أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ” [الأنبياء: 83]. . 
- دعاء نبي الله يونس عليه السلام: وهو دعاء لتفريج الكروب، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما دعا به مسلم في شيء إلا استجاب الله له.
 “لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87]. . 
2، أدعية من السنة النبوية الصحيحة
وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعية وأذكار للتحصين وطلب الشفاء ودفع البلاء، ومن أصحها:
- دعاء التحصين من كل ضرر: يُقال ثلاث مرات صباحًا ومساءً للحفظ من كل سوء.
 “بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”. (المصدر: سنن الترمذي، حديث حسن صحيح).. 
- دعاء الاستعاذة من سوء القضاء: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الأمور الشديدة التي تُحزن الإنسان.
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ”. (المصدر: صحيح البخاري).. 
- دعاء لطلب الشفاء عند زيارة المريض:
 “أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا”. (المصدر: متفق عليه).. 
- دعاء الحفاظ على العافية والنعم:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ”. (المصدر: صحيح مسلم).. 
دعاء لدفع البلاء والمرض
يذكّرنا الله تعالى في كتابه العزيز بطبيعة الحياة الدنيا وأن الابتلاء جزءٌ منها، حيث قال سبحانه:
“لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ” [آل عمران: 186].
هذه الآية الكريمة تؤكد أن الصبر والتقوى هما السبيل لمواجهة التحديات، ويأتي الدعاء كأقوى سلاح للمؤمن لطلب العون من الله.
صيغ وأدعية شائعة لطلب الشفاء ودفع الضر
يتداول الناس بعض الصيغ والأدعية التي لم ترد في مصادر السنة المعتمدة، ولكنها تحمل معاني طيبة، يجوز الدعاء بها ما لم تتضمن محظوراً شرعياً، مع العلم أن الأفضل والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة، ومن الأمثلة على هذه الأدعية المنتشرة:
- “اللَّهُمَّ يَا كَاشِفَ الْبَلَاءِ وَيَا رَافِعَ الْهَمِّ وَالضُّرِّ، أَدْعُوكَ أَنْ تَحْمِيَنِي مِنْ شَرِّ الْأَشْرَارِ، وَمِنْ كَيْدِ الْحُسَّادِ، وَمِنْ كُلِّ أَمْرٍ يَضُرُّنِي، اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي يَقِينًا تُبْعِدُ بِهِ عَنِّي الْخَوْفَ وَالْقَلَقَ، وَارْزُقْنِي سَكِينَةً وَثِقَةً فِي قُدْرَتِكَ عَلَى حِمَايَتِي”.
- “اللَّهُمَّ احْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاكْنُفْنِي بِرُكْنِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَاحْفَظْنِي بِعِزِّكَ الَّذِي لَا يُضَامُ، وَاكْلَأْنِي فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَارْحَمْنِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ، أَنْتَ ثِقَتِي وَرَجَائِي”.
- “يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ أَبَدًا، وَيَا ذَا النِّعَمِ الَّتِي لَا تُحْصَى عَدَدًا، أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي حِرْزِكَ وَأَمَانِكَ، وَأَنْ تَرُدَّ كَيْدَ كُلِّ ذِي شَرٍّ إِلَى نَحْرِهِ”.
تنبيه هام حول الأدعية غير المأثورة
إخلاء مسؤولية: الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، والخير كله في اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
دعاء مكتوب لرفع البلاء عن المريض
الدعاء للمريض من السنن المستحبة، سواء دعا المريض لنفسه أو دعا له غيره، فالله تعالى هو الشافي، ولا ملجأ للمسلم إلا إليه عند اشتداد الكرب، ومن الأدعية الصحيحة والمناسبة في هذا المقام:
- دعاء طلب العافية في الجسد:
 “اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ”. (المصدر: سنن أبي داود، حديث حسن).. 
- دعاء الرقية للمريض: يُقال سبع مرات بنية الشفاء.
 “أَسْأَلُ اللهَ العَظِيمَ رَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ”. (المصدر: سنن الترمذي، حديث صحيح).. 
- يمكن للمسلم أن يدعو للمريض بما يفتح الله عليه من أدعية طيبة، مثل: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ عَظِيمِ لُطْفِكَ وَكَرَمِكَ وَسِتْرِكَ الْجَمِيلِ أَنْ تَشْفِيَهُ وَتَمُدَّهُ بِالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ”.
في أوقات انتشار الأوبئة والأمراض، كجائحة فيروس كورونا التي شهدها العالم، يتعاظم اليقين بأهمية الدعاء واللجوء إلى الله، مع الأخذ بالأسباب الوقائية والعلاجية التي يوجه بها أهل الاختصاص.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 83.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة آل عمران، الآية 186.
- سنن الترمذي، حديث رقم 3388، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6347، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2739، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري (5675) وصحيح مسلم (2191)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 5090، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3524، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل وقت للدعاء لرفع البلاء؟
يُستحب تحري أوقات إجابة الدعاء، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وأثناء السجود في الصلاة، ويوم الجمعة، وعند نزول المطر، ومع ذلك، فباب الدعاء مفتوح في كل وقت.
هل يجوز أن أدعو بغير اللغة العربية أو بألفاظ من عندي؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بلغته وبما يفيض به قلبه، بشرط ألا يكون في دعائه اعتداء أو إثم أو قطيعة رحم، ولكن الدعاء بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة هو الأفضل والأكمل والأعظم أجراً.
ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة غير الثابتة؟
البديل الصحيح والأفضل هو الأدعية الثابتة في القرآن والسنة النبوية، مثل دعاء يونس عليه السلام “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”، ودعاء “اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء…”، وغيرها من الأدعية الصحيحة التي وردت في هذا المقال، فهي كافية ومباركة.
 
		
