دعاء سجدة التلاوة في الصلاة

سجود التلاوة هو سجودٌ يُؤديه المسلم عند قراءة آية من آيات السجود في القرآن الكريم أو عند سماعها، سواء كان ذلك في الصلاة أو خارجها، وهو سُنّة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه تعبيرٌ عن كمال الخضوع لله تعالى، وتعظيم كلامه، والاستجابة الفورية لأمره.

وقد ثبت فضلها في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ -وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: يَا وَيْلِي- أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ”

، (رواه مسلم).

دعاء سجود التلاوة مكتوب بالتشكيل - اللهم اكتب لي بها عندك أجرا

الأدعية الصحيحة الواردة في سجود التلاوة

ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة صيغ للدعاء في سجود التلاوة، ويجوز للمسلم أن يدعو بأي منها أو بما تيسر له من الأدعية العامة، ومن الأدعية المأثورة الصحيحة:

  • الدعاء الأول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل:

    “سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ”

    ، (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).

  • الدعاء الثاني: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني رأيتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة، فسجدتُ، فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها وهي تقول:

    “اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ”

    ، قال ابن عباس: فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد، فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة، (رواه الترمذي وحسّنه).

  • الدعاء الثالث: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد قال:

    “اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ”

    ، (رواه مسلم).

  • التسبيح العام: يصح أيضاً أن يقول الساجد ما يقوله في سجود الصلاة المعتاد، مثل: “سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى” ثلاث مرات، فهو ذكرٌ مشروع في عموم السجود.

الحكم الشرعي وكيفية أداء سجود التلاوة

أجمع جمهور الفقهاء على أن سجود التلاوة سُنّة مؤكدة للقارئ والمستمع، وليس بواجب، ودليل ذلك ما رواه زيد بن ثابت رضي الله عنه: (أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم “والنجم” فلم يسجد فيها)، (متفق عليه)، وهذا يدل على عدم الوجوب.

طريقة الأداء الصحيحة

تختلف كيفية الأداء قليلاً بين ما إذا كان السجود داخل الصلاة أو خارجها:

  • أثناء الصلاة: إذا قرأ المصلي آية سجدة، فإنه يكبر ويهوي ساجداً مباشرة، ثم يقول الذكر المشروع، ثم يكبر ويرفع من السجود ويعود إلى قيامه لمتابعة القراءة والركوع.
  • خارج الصلاة: يكبر المسلم تكبيرة واحدة ويسجد، ثم يكبر للرفع من السجود، وقد اختلف العلماء في اشتراط التسليم بعده، والراجح أنه لا تسليم فيه.

فضل سجود التلاوة وأحكامه الشرعية

شروط سجود التلاوة

اختلف الفقهاء في الشروط الواجب توافرها لصحة سجود التلاوة، والقول الأحوط الذي يخرج المسلم من الخلاف هو مراعاة الشروط المطلوبة للصلاة، وهي:

  • النية: استحضار نية سجود التلاوة في القلب.
  • الطهارة: أن يكون المسلم متوضئاً وطاهراً من الحدثين الأكبر والأصغر.
  • استقبال القبلة: التوجه إلى الكعبة المشرفة.
  • ستر العورة: ستر ما يجب ستره في الصلاة.
  • طهارة المكان: أن يكون موضع السجود طاهراً.

ملاحظة: ذهب بعض أهل العلم، كشيخ الإسلام ابن تيمية، إلى عدم اشتراط الطهارة لسجود التلاوة لعدم ورود دليل صريح يُلزم بها، لكن الأخذ بقول الجمهور أحوط وأبرأ للذمة.

مواضع سجود التلاوة في القرآن الكريم

يوجد في القرآن الكريم خمسة عشر موضعاً لسجود التلاوة، وهي:

  1. سورة الأعراف، الآية 206.
  2. سورة الرعد، الآية 15.
  3. سورة النحل، الآية 50.
  4. سورة الإسراء، الآية 109.
  5. سورة مريم، الآية 58.
  6. سورة الحج، الآية 18.
  7. سورة الحج، الآية 77 (وهي السجدة الثانية في السورة).
  8. سورة الفرقان، الآية 60.
  9. سورة النمل، الآية 26.
  10. سورة السجدة، الآية 15.
  11. سورة ص، الآية 24.
  12. سورة فصلت، الآية 38.
  13. سورة النجم، الآية 62.
  14. سورة الانشقاق، الآية 21.
  15. سورة العلق، الآية 19.

أحكام خاصة بسجود التلاوة

ماذا تفعل عند تعذر السجود؟

إذا كان المسلم في مكان لا يسمح له بالسجود (مثل المواصلات العامة)، فلا شيء عليه، لأن سجود التلاوة سنة وليس واجباً، ولم يثبت في السنة النبوية الصحيحة ذكرٌ معينٌ يُقال كبديل عن السجود، أما ما يتداوله البعض من قول “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر” أربع مرات كبديل، فهو أمر لم يرد به دليل خاص، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع.

حكم سجود التلاوة للمرأة الحائض

هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم مبني على الخلاف في اشتراط الطهارة، فمن اشترط الطهارة منع الحائض من السجود، ومن لم يشترطها أجاز لها ذلك، والقول بجواز سجودها له وجاهته، لأنها ليست صلاة كاملة، ولكن تجنب السجود خروجاً من الخلاف أمر حسن.

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم، (يمكن مراجعته على Quran.com).
  • صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
  • سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما يقول في سجود القرآن، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
  • صحيح البخاري، كتاب سجود القرآن، باب من قرأ السجدة ولم يسجد، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).

أسئلة شائعة (FAQs)

س1: هل سجود التلاوة واجب؟

ج: لا، سجود التلاوة سُنّة مؤكدة وليس واجباً، من فعله أُجر ومن تركه فلا إثم عليه.

س2: هل يشترط الوضوء لسجود التلاوة؟

ج: جمهور العلماء يشترطون الوضوء (الطهارة) لصحته، وهو القول الأحوط والأبرأ للذمة، على الرغم من وجود خلاف في المسألة.

س3: ماذا أفعل إذا قرأ الإمام آية سجدة ولم يسجد؟

ج: يجب على المأموم متابعة إمامه، فإذا لم يسجد الإمام، فلا يسجد المأموم خلفه.

س4: هل هناك تكبير وتسليم في سجود التلاوة؟

ج: نعم، يُكبر عند الهوي للسجود وعند الرفع منه، أما التسليم بعد الرفع، فالراجح أنه غير مشروع خارج الصلاة.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

0 0 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات