يوم العيد هو يوم فرحة وشكر وعبادة شرعه الله تعالى للمسلمين، فهو جائزة ربانية بعد إتمام صيام شهر رمضان المبارك، ومن أعظم العبادات التي يتقرب بها المسلم في هذا اليوم المبارك هو الدعاء، حيث يجمع بين إظهار الفرحة بنعمة الله واللجوء إليه بصدق وإخلاص، في هذا المقال، نستعرض أهم السنن والآداب المتعلقة بيوم العيد، ونقدم مجموعة من الأدعية المأثورة والصحيحة التي يمكن للمسلم أن يدعو بها، مع التركيز على الموثوقية والدليل الشرعي.
سنن وآداب عيد الفطر المبارك
يُستحب للمسلم أن يحرص على بعض السنن والآداب في يوم العيد اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وطلباً للأجر والمثوبة، ومن أبرز هذه السنن:
- التكبير: يبدأ وقت التكبير من غروب شمس ليلة العيد ويستمر حتى صلاة العيد، وصيغته المأثورة عن الصحابة: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.
- الاغتسال والتطيب: يُسن الاغتسال والتطيب ولبس أجمل الثياب إظهارًا للفرح والسرور بهذا اليوم، فهو من تمام الزينة التي أمر الله بها.
- تناول تمرات قبل الخروج للصلاة: من السنة أن يأكل المسلم تمرات وترًا (عددًا فرديًا) قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطر، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
“كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ.، ويأكلهن وِتراً”
(صحيح البخاري، 953).
- الذهاب إلى المصلى من طريق والعودة من آخر: من السنة مخالفة الطريق عند الذهاب لصلاة العيد والعودة منها.
- أداء صلاة العيد: وهي من أهم شعائر هذا اليوم، ويُسن حضورها للرجال والنساء والأطفال في المصليات والساحات لإظهار عزة الإسلام ووحدة المسلمين.
- التهنئة بالعيد: تبادل التهاني بين المسلمين مثل قول “تقبل الله منا ومنكم” أو “عيدكم مبارك”، لما في ذلك من نشر للمودة والألفة.
أدعية ثابتة من القرآن والسنة النبوية
الأصل في الدعاء أن يكون بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة، وفي يوم العيد، يمكن للمسلم أن يدعو بهذه الأدعية الصحيحة التي تجمع خيري الدنيا والآخرة:
- الدعاء بخيري الدنيا والآخرة: وهو من أجمع الأدعية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر منها.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ”
[البقرة: 201].
- دعاء طلب القبول: وهو مناسب جداً بعد إتمام عبادة الصيام والقيام في رمضان.
“رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”
[البقرة: 127].
- دعاء الاستفتاح في الصلاة (ويمكن الدعاء به عمومًا): وهو دعاء عظيم لتطهير النفس من الخطايا.
“اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ”
(متفق عليه: صحيح البخاري 744، صحيح مسلم 598).
- دعاء طلب الخير كله: من الأدعية النبوية الجامعة التي علّمها النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها.
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ…”
(حديث صحيح، رواه ابن ماجه).
صيغ وأدعية عامة ليوم العيد
باب الدعاء واسع، ويمكن للمسلم أن يدعو بما يفتح الله عليه من خيري الدنيا والآخرة، بأسلوب طيب لا يخالف الشرع، وهذه بعض الصيغ العامة التي يتداولها الناس، وهي حسنة المعنى ويمكن الدعاء بها على وجه العموم:
- اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلَى أَنْ بَلَّغْتَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ، وَأَعِدْهُ عَلَيْنَا أَعْوَامًا عَدِيدَةً وَأَزْمِنَةً مَدِيدَةً، وَاجْعَلْنَا فِيهِ مِنَ الْمَرْحُومِينَ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْمَحْرُومِينَ.
- إِلَهِي، وَقَدْ أَفْطَرْنَا بِفِطْرِكَ السَّعِيدِ الَّذِي أَمَرْتَنَا فِيهِ بِالْمَوَدَّةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، فَاغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَمَا أَخَّرْنَا، فَمَا مِنْ غَافِرٍ إِلَّاكَ وَمَا مِنْ عَافٍ سِوَاكَ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ عِيدَنَا هَذَا فَرَحًا وَسُرُورًا، وَتَقَبَّلْ أَعْمَالَنَا، وَاغْفِرْ ذُنُوبَنَا، وَاجْعَلْنَا مِنْ عُتَقَائِكَ مِنَ النَّارِ، نَسْأَلُكَ يَا اللهُ أَنْ تُتِمَّ عَلَيْنَا فَرْحَتَنَا بِقَبُولِ أَعْمَالِنَا وَغُفْرَانِ زَلَّاتِنَا.
تنبيه هام وحكم تخصيص العيد بأدعية معينة
تنبيه هام: الصيغ المذكورة أعلاه في قسم “صيغ وأدعية عامة” هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه كأدعية مخصصة ليوم العيد، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة.
لم يثبت في السنة النبوية دعاء محدد خاص بصلاة العيد أو يوم العيد، والمشروع هو الإكثار من الدعاء العام بخيري الدنيا والآخرة، والشكر لله على نعمة إتمام الصيام، والتكبير والتهليل، أما تخصيص أدعية معينة بصيغ محددة واعتقاد أن لها فضلاً خاصاً في هذا اليوم، فهو أمر لا أصل له في الشرع.
الدعاء للميت يوم العيد
يوم العيد هو يوم فرح، ولكنه أيضاً مناسبة لتذكر الأهل والأحباب الذين رحلوا عنا، والدعاء للميت مشروع في كل وقت، ويُرجى قبوله في الأوقات المباركة كالأعياد، يمكن الدعاء للموتى بالأدعية العامة التالية:
- اللَّهُمَّ فِي هَذَا اليَوْمِ الْمُبَارَكِ، اغْفِرْ لِفَقِيدِنَا وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاجْعَلْ قَبْرَهُ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ.
- رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ عِيدَهُ فِي الجَنَّةِ أَجْمَلَ، وَاجْمَعْنَا بِهِ فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة البقرة، الآية 127.
- صحيح البخاري، حديث رقم 953، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 744، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 598، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن ابن ماجه، (يمكن مراجعة الحديث وتخريجه على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة (FAQs)
هل هناك دعاء محدد لصلاة العيد؟
لا، لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء مخصص يُقال في صلاة العيد أو بعدها مباشرة، والمشروع هو التكبير قبل الصلاة، والدعاء العام بما يفتح الله به على عبده بعدها.
ما هو أفضل وقت للدعاء يوم العيد؟
يوم العيد كله وقت مبارك للدعاء، من ليلته وحتى غروب شمسه، ويمكن للمسلم أن يدعو في صلاته، وبعدها، وعند لقاء الأهل والأحباب، وفي أي وقت يجد فيه قلبه حاضرًا.
ما حكم الأدعية المنتشرة للعيد التي ليس لها مصدر؟
إذا كانت هذه الأدعية ذات معنى صحيح ولا تتضمن مخالفة شرعية، فيجوز الدعاء بها على أنها دعاء عام من غير تخصيصها بوقت العيد أو اعتقاد فضل خاص لها، أما الأفضل والأكمل فهو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.
