الحقد والكيد بين الناس من الشرور القديمة التي حذّر منها الإسلام، وقد بيّن القرآن الكريم عواقبها في قصة ابني آدم، ولهذا، أرشدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى ما يحصّن المسلم ويحفظه من كل سوء، فكانت الأدعية والأذكار الشرعية هي الحصن الحصين والملجأ الآمن للوقاية من شر العين والحسد والكيد، وحفظ النفس والأهل والمال.
إن الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء لا يجلب الطمأنينة للقلب فحسب، بل هو عبادة عظيمة وأقوى سلاح للمؤمن لتحقيق الحفظ والوقاية بإذن الله.
أدعية قرآنية ونبوية صحيحة للتحصين من الشرور والمكائد
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الكفاية والبركة، ومن أعظم ما يُتحصّن به المسلم:
1، التحصين بالقرآن الكريم
- آية الكرسي (سورة البقرة: 255): وهي أعظم آية في القرآن، ومن قرأها حين يمسي أُجير من الشياطين حتى يصبح، ومن قرأها حين يصبح أُجير منهم حتى يمسي.
 “اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” [البقرة: 255]. . 
- المعوذتان (سورة الفلق وسورة الناس): قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما سأل سائل بمثلهما، ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما”، (حديث صحيح، رواه النسائي)، وهما من أعظم ما يُرقى به ويُتحصّن به من الشرور.
2، التحصين بالأدعية النبوية الصحيحة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من هذه الأدعية للتحصين والحفظ:
- دعاء الحفظ من كل شر:
 “بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”، (يقال ثلاث مرات صباحًا ومساءً، حديث حسن، رواه الترمذي وأبو داود). . 
- دعاء التعوذ من الشرور:
 “أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ”، (يقال ثلاث مرات مساءً، حديث صحيح، رواه مسلم). . 
- دعاء شامل للحفظ:
 “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِن’ِي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”، (حديث صحيح، رواه أبو داود وابن ماجه). . 
- دعاء الكرب والهم: وهو نافع بإذن الله لدفع الظلم والغم.
 “اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي”، (حديث صحيح، رواه أحمد). . 
صيغ وأدعية عامة للحماية من الأذى والظلم
إلى جانب الأدعية المأثورة، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ عامة لا تخالف الشرع، يطلب فيها الحماية من الظلم والكيد، وأن يكفيه شر خلقه، وهذه أمثلة على ذلك:
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، وَمِنْ كَيْدِ كُلِّ كَائِدٍ، وَحَسَدِ كُلِّ حَاسِدٍ، اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ وَكَيْفَ شِئْتَ، إِنَّكَ عَلَى مَا تَشَاءُ قَدِيرٌ.
- رَبِّ، أَنْتَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، أَفَوِّضُ إِلَيْكَ أَمْرِي كُلَّهُ، فَإِنِّي لَا أُحْسِنُ التَّدْبِيرَ، اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنِّي أَذَى الْخَلْقِ وَاكْفِنِي شَرَّ مَنْ أَرَادَ بِي سُوءًا.
- يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَاحْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ.
- اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ، فَرُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيْهِ، وَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ عَنِّي يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
- حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.
تنبيه وإخلاء مسؤولية هام
تنبيه هام: الصيغ المذكورة في هذا القسم هي من الأدعية العامة التي يتداولها الناس، ولم تثبت بنصها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية وشاملة ومباركة، والدعاء بالصيغ العامة جائز ما لم يتضمن محذورًا شرعيًا.
حكم الدعاء على الظالم
من وقع عليه ظلم بيّن، يجوز له شرعًا أن يدعو على من ظلمه بقدر مظلمته دون تعدٍ في الدعاء، ودعوة المظلوم من الدعوات المستجابة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم:
“وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ”، (حديث صحيح، متفق عليه).
ومع ذلك، فإن العفو والصبر والدعاء للظالم بالهداية هو مرتبة أعلى وأعظم أجرًا عند الله، كما قال تعالى:
“وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ”، [الشورى: 40].
فيمكن للمظلوم أن يدعو بمثل هذه الأدعية:
- اللَّهُمَّ أَنْتَ حَسْبِي فِيمَنْ ظَلَمَنِي، وَأَنْتَ حَسْبِي فِيمَنْ آذَانِي، فَخُذْ لِي بِحَقِّي مِنْهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.
- يَا رَبِّ، إِنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، وَاجْبُرْ قَلْبِي الْمُنْكَسِرَ، وَاكْفِنِي يَا كَافِي، فَأَنَا الْعَبْدُ الْمُفْتَقِرُ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفَ قُوَّتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي، فَإِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إِلَيْكَ أَشْكُو، فَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 255 (آية الكرسي).
- سورة الشورى، الآية 40.
- صحيح البخاري، حديث رقم 2447، وصحيح مسلم، حديث رقم 19، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح مسلم، حديث رقم 2709، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن الترمذي، حديث رقم 3391، وسنن أبي داود، حديث رقم 5088، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 5090، وسنن ابن ماجه، حديث رقم 3868، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- مسند الإمام أحمد، حديث رقم 3712، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل دعاء للتحصين من الشرور؟
أفضل ما يتحصن به المسلم هو كلام الله تعالى، وعلى رأسه آية الكرسي والمعوذتان (الفلق والناس)، بالإضافة إلى الأدعية النبوية الصحيحة مثل: “بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء…” و “أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق”.
هل يجوز الدعاء على شخص معين ألحق بي الأذى؟
نعم، يجوز للمظلوم أن يدعو على من ظلمه بقدر مظلمته، فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، ولكن الأفضل والأكمل أجرًا هو العفو والصفح، والدعاء له بالهداية إن أمكن.
ما هي الأوقات التي يُرجى فيها إجابة الدعاء؟
هناك أوقات وأحوال عديدة يُرجى فيها إجابة الدعاء، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وعند نزول المطر، وفي آخر ساعة من يوم الجمعة.
 
		


