إن طلب العلم من أعظم القربات إلى الله تعالى، والاستعانة به سبحانه قبل البدء في المذاكرة من أهم أسباب التوفيق والفتح، فالدعاء يبث الطمأنينة في قلب الطالب، ويساعد على صفاء الذهن، ويُعين على الفهم والحفظ، وهو مفتاح لكل خير يسعى إليه المسلم في مسيرته التعليمية، سواء في المراحل الدراسية الأولى أو في التعليم الجامعي والتخصصي.
وفيما يلي بيان لأهم الأدعية الثابتة والمأثورة التي يُستحب للمسلم أن يدعو بها لتيسير المذاكرة وطلب العلم، مع توضيح للمصادر الشرعية لتعزيز الموثوقية والأصالة.
دعاء ثابت من القرآن الكريم لطلب التيسير والفهم
من أفضل ما يدعو به المسلم لطلب تيسير أموره وشرح صدره، هو دعاء نبي الله موسى -عليه السلام- الذي ورد في القرآن الكريم، وهو دعاء جامع لطلب العون من الله وتسهيل الصعاب.
“قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)”
المصدر: سورة طه، الآيات 25-28.
وهذا الدعاء المبارك مناسب جداً قبل البدء في المذاكرة أو قبل الامتحانات، حيث يسأل فيه العبد ربه أن يوسع صدره للعلم، وييسر له فهمه وحفظه، ويزيل أي عائق يمنعه من استيعاب المعلومة والتعبير عنها بوضوح.
أمثلة على أدعية شائعة ومنتشرة للمذاكرة
تنتشر بين الطلاب بعض الصيغ التي اعتادوا على ترديدها قبل المذاكرة أو بعدها، ومنها ما يلي:
- صيغة لتسهيل الحفظ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فَهْمَ النَّبِيِّينَ، وَحِفْظَ الْمُرْسَلِينَ، وَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ أَلْسِنَتَنَا عَامِرَةً بِذِكْرِكَ، وَقُلُوبَنَا بِخَشْيَتِكَ، وَأَسْرَارَنَا بِطَاعَتِكَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.”.
- صيغة لطلب الفتح والفهم: “اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ حِكْمَتِكَ، وَانْشُرْ عَلَيَّ رَحْمَتَكَ، وَامْنُنْ عَلَيَّ بِالْحِفْظِ وَالْفَهْمِ، سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.”.
- دعاء بعد المذاكرة: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ مَا قَرَأْتُ وَمَا حَفِظْتُ وَمَا تَعَلَّمْتُ، فَرُدَّهُ إِلَيَّ عِنْدَ حَاجَتِي إِلَيْهِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.”.
تنبيه هام وحكم هذه الأدعية
تنبيه هام: هذه الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس واشتهرت بينهم، ولكنها لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من أصحابه، والدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ففيها الكفاية والبركة والخير العظيم.
ومع ذلك، يجوز للمسلم أن يدعو بأي دعاء طيب لا يحتوي على محظور شرعي، ولكن دون أن يعتقد أن لهذه الصيغ المحددة فضلاً خاصاً أو أنها سنة مأثورة، فالأولى دائماً هو الحرص على الأدعية الثابتة.
أهمية طلب العلم وأبرز فوائده
يُعَدّ طلب العلم من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو أساس نهضة الأمم وتقدمها، وتكمن أهمية المذاكرة والدراسة في فوائدها الجمة، ومنها:
- ترسيخ المعلومات: تساعد المذاكرة المنتظمة على تثبيت المعرفة وتوسيع مدارك الطالب، مما يعزز قدرته على الفهم والاستيعاب وربط العلوم ببعضها.
- نشر العلم النافع: الطالب الذي يتقن علمه يكون أقدر على نفع غيره، فيسهم في نشر الخير في المجتمع، وينال بذلك الأجر في الدنيا والآخرة.
- تطوير الذات: تمكّن المذاكرة الطالب من اكتشاف نقاط ضعفه الأكاديمية والعمل على تقويتها، مما يتيح له فرصة التطور المستمر والتغلب على التحديات الدراسية.
- تحقيق الأهداف: طلب العلم هو السبيل لتحقيق الطموحات وبناء مستقبل ناجح، فبالمعرفة والمهارات اللازمة يتمكن الفرد من تحقيق إنجازات متميزة في حياته العلمية والعملية.
طُرُق مُجَرَّبة لزيادة مستوى التركيز وتحسين الفهم والاستيعاب
إلى جانب الدعاء، يجب على الطالب الأخذ بالأسباب المادية التي تعينه على التحصيل الدراسي، إليك بعض الأساليب الفعالة لتعزيز التركيز:
- التنظيم والمتابعة: أداء الواجبات بانتظام دون تأجيل، والمراجعة الدورية للمواد، يسهم في تثبيت المعلومات وجعلها أكثر حضوراً في الذهن.
- التنويع وتجنب الملل: التنقل بين المواد الدراسية المختلفة أو بين المذاكرة النظرية وحل التمارين التطبيقية يساعد على تجديد النشاط الذهني.
- تقسيم المحتوى: تنظيم المعلومات وتقسيمها إلى أجزاء صغيرة ومنطقية يسهّل عملية الحفظ والاسترجاع.
- الربط بالواقع: ربط ما تتعلمه بأمثلة من حياتك اليومية أو تجارب واقعية يجعل المعلومات أعمق وأسهل في التذكر.
- الشغف بالتعلم: عندما تنظر إلى الدراسة كفرصة لاكتساب معرفة جديدة ومتعة فكرية، بدلاً من كونها واجباً ثقيلاً، يزداد تركيزك وقدرتك على الاستيعاب.
عوامل مساندة لتحسين مستوى التركيز
لتحقيق تركيزٍ أعلى أثناء المذاكرة، من الضروري أن يكون لديك هدف واضح تسعى لتحقيقه، مع تجنب المشتتات قدر الإمكان.
ويمكنك تحسين تركيزك عبر أخذ فترات راحة منتظمة، وتجنب مسببات القلق والتوتر، كما أن وضع جدول دراسي منظم يساعد على توزيع الجهد واستغلال الوقت بكفاءة، يُنصح بالبدء بالمواد التي تجدها أكثر صعوبة، حيث يكون العقل في ذروة نشاطه في بداية جلسة المذاكرة.
وبعد الانتهاء، قيّم مستوى استيعابك، وكافئ نفسك عند تحقيق تقدم أو الحصول على نتائج جيدة، فهذا يعزز دافعيتك للاستمرار في الاجتهاد.
المصادر والمراجع
- سورة طه، الآيات 25-28.
- يمكن التحقق من صحة الأحاديث النبوية عبر مصادر موثوقة مثل موسوعة الدرر السنية.
أسئلة شائعة
ما هو أفضل دعاء للمذاكرة؟
أفضل ما يمكن أن يدعو به الطالب هو دعاء نبي الله موسى عليه السلام: “رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي…”، لأنه دعاء قرآني ثابت ومبارك، بالإضافة إلى الأدعية النبوية العامة لطلب العلم والتيسير.
هل دعاء “اللهم إني أسألك فهم النبيين” صحيح؟
هذا الدعاء مشهور ومنتشر، ولكن لم يثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، يجوز الدعاء به وبغيره من الأدعية ذات المعنى الطيب، ولكن دون الاعتقاد بأن له فضلاً خاصاً أو أنه من السنة.
متى يمكنني قول هذه الأدعية؟
يمكنك الدعاء بها قبل البدء في المذاكرة، أو عند الشعور بصعوبة في فهم مادة معينة، أو قبل الدخول إلى قاعة الامتحان، وفي كل وقت تحتاج فيه إلى عون الله وتوفيقه.
