يواجه الإنسان في حياته العديد من الضغوط والتحديات، ولا ملجأ له منها إلا بالتقرب إلى الله عز وجل، فالدعاء من أعظم العبادات التي تمنح القلب طمأنينة، وتغمر النفس بالسكينة، وتبدد مشاعر الحزن والخوف التي قد تعتري الإنسان.
أدعية صحيحة من القرآن والسنة للطمانينة وراحة البال
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهي الأدعية الجامعة المباركة التي فيها الخير والكفاية، ومن هذه الأدعية:
- دعاء نبي الله يونس عليه السلام (دعاء الكرب): وهو من أعظم الأدعية لتفريج الهموم، قال تعالى:.
“وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87].
- دعاء الهم والحزن: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء، وهو ثابت في السنة الصحيحة.
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ”، (صحيح البخاري)
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة: وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو دعاء قرآني عظيم.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201].
- دعاء طلب العافية: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله العافية في صباحه ومسائه.
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي”، (حديث صحيح، سنن أبي داود)
أمثلة على صيغ دعاء شائعة لراحة البال
يتداول الناس بعض الصيغ العامة في الدعاء التي لم ترد بنصها في الكتاب أو السنة، ولكن معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، ويمكن الدعاء بها على وجه العموم لطلب الطمأنينة والسكينة، ومن هذه الصيغ:
- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي قَلْبًا وَاسِعًا، وَسَكِينَةً فِي الرُّوحِ وَثَبَاتًا فِي النَّفْسِ، تُعِينُنِي عَلَى أَنْ أَكُونَ عَوْنًا لِعِبَادِكَ، وَأَشُدَّ أَزْرَ الْمُحْتَاجِ، وَأَمْسَحَ عَلَى قَلْبِ الْحَزِينِ، وَأَجْبُرَ كَسْرَ الضَّعِيفِ، وَأُوَاسِيَ الْمَلْهُوفَ.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الصَّبْرَ عِنْدَ الْبَلَاءِ، وَامْنَحْنِي مَنْزِلَةَ الشُّهَدَاءِ، وَاكْتُبْ لِي عَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَاجْعَلْنِي فِي صُحْبَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ قَلْبِي فَامْلَأْهُ بِالسَّكِينَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ، وَاصْرِفْ عَنِّي الْهَمَّ وَالْقَلَقَ وَالتَّشَتُّتَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ وَحْدَكَ الْعَالِمُ بِخَفَايَا نَفْسِي فَحَقِّقْ لِي مَا أَتَمَنَّى بِرَحْمَتِكَ الْوَاسِعَةِ.
- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ أَنْ تُطَمْئِنَ قَلْبِي وَتُسَكِّنَ رُوحِي وَتُبْعِدَ عَنِّي كُلَّ هَمٍّ يَشْغَلُ فِكْرِي.
- اللَّهُمَّ يَا مُسَهِّلَ كُلِّ عَسِيرٍ، وَيَا مُلَيِّنَ كُلِّ صَعْبٍ، فَرِّجْ عَنِّي كُلَّ ضِيقٍ، وَاكْتُبْ لِي مِنْ بَعْدِ الْعُسْرِ يُسْرًا، ادْفَعْ بِقُدْرَتِكَ مَا لَا أَقْوَى عَلَيْهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ يَا اللَّهُ.
- اللَّهُمَّ يَا فَارِجَ الْهَمِّ، وَيَا كَاشِفَ الْغَمِّ، وَيَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، ارْحَمْ ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي مِنْ كُلِّ ضِيقٍ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ مَخْرَجًا.
تنبيه هام وحكم الأدعية غير المأثورة
تنبيه هام: الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لخيري الدنيا والآخرة.
أما الدعاء بصيغ لم ترد في النصوص الشرعية، فهو جائز بشروط: أن تكون معانيها صحيحة، وألا تحتوي على مخالفة شرعية، وألا يعتقد الداعي أنها سنة مأثورة أو أن لها فضلاً خاصاً، بل يدعو بها على أنها دعاء عام يطلب فيه حاجته من الله تعالى.
أسباب شرعية لتحقيق راحة البال والسكينة النفسية
للوصول إلى حالة من الراحة النفسية والتغلب على ضغوط الحياة، هناك العديد من الأسباب الشرعية والوسائل الإيمانية التي تعين المسلم على تحقيق التوازن الداخلي والطمأنينة:
- تقوية العلاقة بالله: إن أساس الطمأنينة هو القرب من الله تعالى بأداء الفرائض، والحرص على النوافل، والابتعاد عن المحرمات، والسعي في الأعمال الصالحة ابتغاء مرضاته.
- الرضا بالقضاء والقدر: الإيمان بأن كل ما يحدث في الحياة هو بتقدير من الله، واليقين بأن في كل أمر خيرًا، حتى وإن لم تظهر حكمته، يورث القلب راحة عميقة وقدرة على التعامل مع التحديات.
- المداومة على ذكر الله: قال تعالى:
 “أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” [الرعد: 28] ، فالمداومة على الأذكار والاستغفار في كل وقت تبعث على السكينة وتزيل الهموم. 
- التوكل على الله وتفويض الأمر إليه: الانشغال بالمستقبل والخوف من المجهول يورث القلق، وتسليم الأمر لله والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب يجلب الطمأنينة، فالله هو مدبر الأمور وهو على كل شيء قدير.
- العفو والتسامح: التجاوز عن إساءة الآخرين يحرر النفس من مشاعر الحقد والكراهية السلبية التي تسبب الضيق والإرهاق النفسي، ويجعل الإنسان يعيش بسلام داخلي.
- التوبة والاعتراف بالخطأ: عندما يخطئ الإنسان، فإن اعترافه بذنبه وتوبته إلى الله يخلصه من مشاعر تأنيب الضمير وثقل الذنب، ويفتح له باب رحمة الله ومغفرته.
المصادر والمراجع
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة الرعد، الآية 28.
- صحيح البخاري، حديث رقم 6369، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- سنن أبي داود، حديث رقم 5090، وصححه الألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة
ما هو أفضل وقت للدعاء لراحة البال؟
يمكن للمسلم أن يدعو في كل وقت، فباب الدعاء مفتوح، ولكن هناك أوقات يُرجى فيها إجابة الدعاء أكثر من غيرها، مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وآخر ساعة من يوم الجمعة.
هل يجوز الدعاء بالصيغ العامة غير المأثورة؟
نعم، يجوز الدعاء بأي صيغة تحمل معنى صحيحًا ولا تخالف الشرع، بشرط ألا يُعتقد أنها سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أن لها فضلًا خاصًا مرتبطًا بلفظها، والأفضل دائمًا هو الالتزام بالأدعية المأثورة من القرآن والسنة.
ما هو البديل الصحيح للأدعية المنتشرة التي لا أصل لها؟
البديل الصحيح والأكمل هو الأدعية الثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء الكرب “لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”، ودعاء “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن”، فهي أدعية عظيمة ومباركة وكافية بإذن الله.
 
		

