دعاء لزيادة جمال الوجه مجرب

إن السعي نحو الجمال والمظهر الحسن أمرٌ فطري أودعه الله في النفس البشرية، وبينما تتعدد الوسائل الحديثة لتحقيق ذلك، يبقى الجمال الرباني الذي يهبه الله لعباده هو أسمى الغايات وأنقاها، إن اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء لطلب حُسن المظهر، وجمال الوجه والجسم، ونور القلب هو من أعظم صور العبودية والتوكل عليه، فالله هو “المُصوِّر” الذي أحسن كل شيء خلقه.

في هذا المقال، نستعرض الأدعية الصحيحة والمأثورة، ونوضح الحكم الشرعي لهذا الأمر، مع التمسك بالدليل من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.

الدعاء النبوي المأثور عند النظر في المرآة

من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بأدعية جامعة تجمع بين صلاح الظاهر والباطن، ومن أصح ما ورد في هذا الباب هو الدعاء الذي يُقال عند النظر في المرآة، وهو دعاء يربط بين جمال الخِلقة وجمال الخُلُق.

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا نظر في المرآة:

اللَّهُمَّ كَمَا أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي

المصدر: رواه الإمام أحمد في مسنده وصححه أهل العلم، وهو دعاء عظيم يقر فيه العبد بنعمة الله عليه في حُسن صورته، ثم يسأله ما هو أعظم وأبقى، وهو حُسن الأخلاق.

نور الوجه من القرآن والسنة

الجمال الحقيقي الذي يترك أثراً وقبولاً في القلوب هو “النور” الذي يقذفه الله في وجه عبده المؤمن نتيجة طاعته وإخلاصه، هذا النور هو انعكاس لنور الإيمان في القلب.

قال الله تعالى في وصف نوره:

اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

(سورة النور، الآية: 35)

وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله هذا النور في كل جوارحه، وهو من أسباب استنارة الوجه والبصيرة:

اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا.

المصدر: متفق عليه (صحيح البخاري وصحيح مسلم).

أدعية مكتوبة لطلب الجمال والقبول من الله

أمثلة على صيغ الدعاء العامة لطلب الجمال والقبول

إلى جانب الأدعية المأثورة، يمكن للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ طيبة لا تخالف الشرع، يسأله فيها من خيري الدنيا والآخرة، وهذه بعض الأمثلة على أدعية عامة يمكن الدعاء بها لطلب الجمال والقبول وحُسن الصورة:

  • اللَّهُمَّ يا بديعَ السماواتِ والأرضِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، يا صريخَ المستصرخين، يا غياثَ المستغيثين، أسألك بأسمائكَ الحسنى وصفاتكَ العُلى أن تجعل في وجهي نورًا، وفي جسدي قوةً وجمالاً، وأن تكسوني من المهابة والقبول ما يجعلني محبوبًا في سمائك وأرضك.
  • رَبِّ إنِّي أسألك أن تزيدني جمالاً من نور وجهك الكريم، وأن تستر عيوبي، وتُجمّلني بالأخلاق الحسنة، وتجعل سيرتي طيبةً بين خلقك في حياتي وبعد مماتي يا أرحم الراحمين.
  • يَا رَبِّ، يا من سويت خلقي في أحسن تقويم، أسألك أن تمنحني القبول أينما حللت، وأن تصرف عني عيون الحاسدين وأذى الحاقدين، وأن تجعلني مباركًا أينما كنت.
  • اللَّهُمَّ افتح لي أبواب القبول في قلوب عبادك، وأكرمني برضاك عني، واجعلني من أهل الخير الذين تحبهم ويحبونك، وسخر لي قلوب من تولوا أمري برحمتك يا كريم.

تنبيه هام: هذه الصيغ هي مما يتداوله بعض الناس، ولم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة توقيفية، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، وهي كافية ومباركة.

فضل الدعاء لزيادة الجمال والقبول في الإسلام

ما حكم الدعاء لزيادة الجمال في الإسلام؟

الدعاء بطلب الجمال وحُسن الصورة جائز شرعًا ولا حرج فيه، فهو من سؤال الله تعالى من فضله، الله سبحانه وتعالى جميلٌ يحب الجمال، وقد خلق الإنسان في أحسن تقويم، والدعاء بزيادة هذا الحسن هو إقرار بنعمة الله وطلب للمزيد من فضله.

الضوابط الشرعية في هذا الأمر هي:

  • ألا يكون الدعاء فيه اعتداء: كأن يدعو بتغيير خلق الله بشكل كامل، مثل تغيير لون البشرة أو شكل الأعضاء الأساسية التي خُلق عليها، فالمقصود هو طلب زيادة الحسن والنور والقبول على الهيئة التي خلقه الله عليها.
  • أن يقترن بطلب جمال الباطن: كما في الحديث النبوي “فأحسن خُلُقي”، فالأكمل هو الجمع بين صلاح الظاهر والباطن.
  • عدم الاعتقاد في صيغ مبتدعة: يجب الحذر من الأدعية التي تُنسب إليها فضائل محددة أو أعداد معينة دون دليل شرعي صحيح.

كذلك، فإن من أعظم أسباب جمال الوجه ونضارته هو الإقبال على الطاعات، فقد قال بعض السلف: “من كثرت صلاته بالليل، حَسُنَ وجهه بالنهار”، فالعبادة تكسو صاحبها نورًا وبهاءً وقبولاً.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

هل يوجد دعاء معين لجمال الوجه ثابت في السنة؟

نعم، أصح ما ورد هو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند النظر في المرآة: “اللَّهُمَّ كَمَا أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي”، وهو دعاء شامل يجمع بين جمال الظاهر والباطن، كما أن دعاء طلب النور “اللهم اجعل لي نورًا” من أسباب استنارة الوجه.

ما الفرق بين الدعاء لزيادة الجمال وتغيير خلق الله؟

الدعاء لزيادة الجمال هو طلب من الله أن يزيدك بهاءً ونورًا وقبولاً وتحسينًا لما أنت عليه، كصفاء البشرة ونضارة الوجه، أما تغيير خلق الله المنهي عنه، فيقصد به تبديل الخلقة الأصلية بشكل دائم، وهو ما يحدث في بعض عمليات التجميل المحرمة التي تغير الشكل الأساسي الذي خلق الله الإنسان عليه.

هل الأعمال الصالحة تزيد الوجه جمالاً؟

نعم، أجمع أهل العلم والصلاح على أن للطاعة أثراً على وجه صاحبها، فالإيمان والعمل الصالح، وقيام الليل، وتلاوة القرآن، تورث القلب نورًا ينعكس على الوجه بهاءً وجاذبية وقبولاً في قلوب الخلق.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

2.9 10 التصويت
Article Rating
الاشتراك في تنبيهات التعليقات
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
الأقدم
الأحدث الأكثر تصويتا
التعليقات المضمنة
عرض جميع التعليقات