تُعَدُّ فترة الحمل من المراحل الهامة في حياة المرأة، حيث تمر بتغيرات جسدية ونفسية كبيرة، وفي هذه الأوقات، يُمثّل الدعاء واللجوء إلى الله تعالى مصدر طمأنينة وسكينة، ووسيلة لطلب الحفظ والتيسير للأم وجنينها، إن التوجه إلى الله بالدعاء هو من أعظم العبادات، خاصة بما ثبت في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
أدعية ثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية
الأصل في الدعاء هو الالتزام بما ورد من أدعية صحيحة ومأثورة، فهي جامعة للخير ومباركة، إليكِ بعض الأدعية الصحيحة التي يمكن للمرأة الحامل أن تدعو بها:
- دعاء تفريج الكرب وتسهيل الأمور: وهو من الأدعية الجامعة التي تناسب كل شدة، بما في ذلك مشقة الحمل والولادة.
“اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلَّا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلًا، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلًا”.
(المصدر: صحيح ابن حبان، حديث صحيح)..
- دعاء الكرب: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله عند الكرب، وهو مناسب لآلام الولادة ومتاعب الحمل.
“لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ”.
(المصدر: صحيح البخاري وصحيح مسلم)..
- دعاء سيدنا يونس عليه السلام: دعاء عظيم لتفريج الهموم والكربات.
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”.
[سورة الأنبياء: 87].
- دعاء لطلب الذرية الصالحة: يمكن الدعاء به لحفظ الجنين وصلاحه.
“رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ”.
[سورة آل عمران: 38]
“رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ”.
[سورة الأنبياء: 89].
صيغ وأدعية عامة يمكن الدعاء بها
إلى جانب الأدعية الثابتة، يمكن للمرأة الحامل أن تدعو الله بما يفتح به عليها من صيغ طيبة لا تخالف الشرع، تسأل فيها الله من خيري الدنيا والآخرة، وهذه بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يتداولها الناس:
- لأجل حفظ الجنين وتثبيته: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ جَنِينِي الَّذِي فِي رَحِمِي، فَاحْفَظْهُ بِحِفْظِكَ وَأَتِمَّ خَلْقَهُ وَأَحْسِنْ خَلْقَهُ وَخُلُقَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيَّ كُلَّ تَعَبٍ أَحْمِلُهُ، وَيَسِّرْ لِي وِلَادَتِي وَأَعِنِّي عَلَى تَرْبِيَتِهِ وَاجْعَلْهُ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ.
- لحماية الجنين وتيسير الحمل: اللَّهُمَّ احْفَظْ لِي جَنِينِي وَأَتِمَّ حَمْلِي عَلَى خَيْرٍ، اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي أُمُورَ حَمْلِي وَوِلَادَتِي وَبَارِكْ لِي فِي طِفْلِي وَاجْعَلْهُ مِنَ الْبَارِّينَ الْمُحْسِنِينَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ قُرَّةَ عَيْنٍ لِي وَلِوَالِدِهِ وَوَفِّقْهُ لِكُلِّ خَيْرٍ وَأَكْرِمْنَا بِرُؤْيَتِهِ سَلِيمًا مُعَافًى بَيْنَ أَيْدِينَا.
- دعاء للأم وجنينها: اللَّهُمَّ يَا وَاسِعَ الرَّحْمَةِ، يَا خَالِقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُحِيطَنِي وَجَنِينِي بِعِنَايَتِكَ وَأَنْ تُبَارِكَ لِي فِي حَمْلِي وَتَجْعَلَ وِلَادَتِي مُيَسَّرَةً وَتُقِرَّ عَيْنِي بِرُؤْيَتِهِ سَلِيمًا مُعَافًى.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ طِفْلِي نُورًا فِي قَلْبِي وَسَعَادَةً فِي حَيَاتِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أُعِيذُهُ بِكَ وَذُرِّيَّتَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَيَسِّرْ لِي أَمْرَ وِلَادَتِهِ وَسَهِّلْهُ عَلَيَّ، اللَّهُمَّ احْفَظْهُ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْإِيمَانِ وَأَعِنِّي عَلَى تَرْبِيَتِهِ بِمَا يُرْضِيكَ.
- اللَّهُمَّ أَنْعِمْ عَلَيَّ وَعَلَى طِفْلِي بِالصِّحَّةِ وَالسَّلَامَةِ، وَارْزُقْنَا الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ..
- اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ الذِّكْرَ الْحَسَنَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَامْنَحْهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي وَأَلْبِسْهُ لِبَاسَ الطُّهْرِ وَالْعَفَافِ..
تنبيه هام حول بعض الصيغ المنتشرة
تنبيه هام: بعض الصيغ المذكورة أعلاه هي مما يتداوله الناس ويستحسنون معناه، ولكنها لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، الدعاء عبادة، والأصل فيها الالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، فهي كافية ومباركة وشاملة لكل خير، ويجوز للمسلم أن يدعو بما شاء من الأدعية الطيبة ما لم يكن فيها إثم أو قطيعة رحم.
أدعية لاستقرار الحمل وتيسير الولادة
تمر المرأة الحامل بمرحلة مليئة بالتحديات، كما وصفها الله تعالى في كتابه الكريم:
“حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ”
[لقمان: 14]، وهذا يدل على مقدار المشقة التي تتحملها، والدعاء في هذه الفترة من أعظم أسباب الطمأنينة والتيسير.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَوْدِعُكَ مَا فِي رَحِمِي فَاحْفَظْهُ بِكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَصُنْهُ بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ مِنْ شَرِّ الْحَسَدِ وَالْعَيْنِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ سَلِيمًا مُعَافًى، مُكْتَمِلًا فِي خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ، يَسِيرُ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى.
- اللَّهُمَّ احْفَظْ جَنِينِي الَّذِي أَكْرَمْتَنِي بِهِ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَاجْعَلْهُ مُبَارَكًا فِي حَيَاتِهِ وَاخْتَرْ لَهُ مِنَ الْأَقْدَارِ أَفْضَلَهَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ يَسِيرُونَ عَلَى طَرِيقِ الْهِدَايَةِ.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْ جَنِينِي الصِّحَّةَ وَالْعَافِيَةَ، وَأَنْبِتْهُ نَبَاتًا طَيِّبًا وَاجْعَلْهُ قُرَّةَ عَيْنٍ لِوَالِدَيْهِ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيهِ وَأَحِطْهُ بِعِنَايَتِكَ وَلُطْفِكَ وَاجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى وَالْهِدَايَةِ.
- اللَّهُمَّ احْمِ هَذَا الْجَنِينَ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْآفَاتِ، وَأَطِلْ عُمْرَهُ فِي طَاعَتِكَ وَأَكْرِمْنِي بِرُؤْيَتِهِ فِي حَالَةٍ طَيِّبَةٍ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ بَعِيدًا عَنِ الشُّرُورِ مَحْفُوظًا بِحِفْظِكَ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ.
دعاء للمرأة الحامل في شهرها التاسع وعند الولادة
يُعد الشهر التاسع من أكثر شهور الحمل مشقة، حيث يزداد الإرهاق وتترقب الأم لحظة الولادة، وفي هذه الأوقات العصيبة، لا ملجأ للمرأة إلا الله، تدعوه وتتضرع إليه ليسهل عليها ولادتها، ومن الأدعية الصحيحة والعامة التي يمكن ترديدها:
- الدعاء بالاسم الأعظم: يمكن للمرأة أن تتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، فتدعو قائلة: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُيَسِّرَ وِلَادَتِي وَتَحْفَظَ جَنِينِي”.
- دعاء لتيسير كل عسير:
“اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلَّا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلًا، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذَا شِئْتَ سَهْلًا”.
(المصدر: صحيح ابن حبان)..
- صيغ عامة لتيسير الولادة:
- اللَّهُمَّ يَا مُسَهِّلَ الشَّدِيدِ، وَيَا مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ، وَيَا مُنْجِزَ الْوَعِيدِ، أَخْرِجْنِي مِنْ حَلَقِ الضِّيقِ إِلَى أَوْسَعِ الطَّرِيقِ، بِكَ أَدْفَعُ مَا لَا أُطِيقُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَتَيْسِيرَ الطَّلْقِ، يَا خَالِقَ النَّفْسِ مِنَ النَّفْسِ، وَيَا مُخَلِّصَ النَّفْسِ مِنَ النَّفْسِ، وَيَا مُخْرِجَ النَّفْسِ مِنَ النَّفْسِ، خَلِّصْنِي.
المصادر والمراجع
- سورة لقمان، الآية 14.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- سورة آل عمران، الآية 38.
- سورة الأنبياء، الآية 89.
- صحيح ابن حبان، حديث رقم 974، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- صحيح البخاري، حديث رقم 6346، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
الأسئلة الشائعة
ما هو أفضل دعاء للمرأة الحامل؟
أفضل الأدعية هي ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، مثل دعاء تفريج الكرب “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً…”، ودعاء الكرب “لا إله إلا الله العظيم الحليم…”، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمرأة أن تدعو بما تشاء من الأدعية الطيبة لحفظ جنينها وتيسير حملها وولادتها.
هل هناك سور قرآنية يُنصح بقراءتها لتسهيل الولادة؟
القرآن الكريم كله شفاء وبركة، ولم يرد في السنة النبوية تخصيص سور معينة لتسهيل الولادة، ولكن قراءة القرآن بشكل عام، وخاصة سورة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذتين (الفلق والناس)، بنية الرقية والشفاء أمر مشروع ومستحب، ويرجى به النفع بإذن الله.
هل يجوز الدعاء بصيغ من عندي لم ترد في السنة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بأي صيغة طيبة يفتح الله بها عليه، ما دامت لا تحتوي على محظور شرعي، مثل الدعاء بإثم أو قطيعة رحم، أو الاعتداء في الدعاء، والأفضل دائمًا هو الجمع بين الأدعية المأثورة والدعاء بحاجات النفس الخاصة.


