يُعَدُّ الدُّعاءُ من أعظم العبادات التي تُقرِّب العبد من ربه، وهو سبيلٌ لتحقيق الأماني، وتفريج الكروب، وطلب الشفاء، وسعة الرزق، وقد وعد الله سبحانه وتعالى عباده بإجابة دعائهم إذا أخلصوا له وتوجهوا إليه بصدق، يقول عزَّ وجلَّ في مُحكَمِ تَنزِيلِهِ:
“وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” [البقرة: 186].
وقد ثبت في الحديث الصحيح أن الله سبحانه وتعالى يتفضل على عباده في الثلث الأخير من الليل، فيناديهم ليدعوه ويستغفروه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ” (متفق عليه).
وهذا يدل على عظيم فضل الدعاء وأهمية لزومه، وخير ما يدعو به العبد هو ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة.
أدعية مأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية
الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي القرآن الكريم هي الأكمل والأكثر بركة، لأنها جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وفيها من جوامع الكلم ما لا يبلغه الإنسان ببيانه، وهذه بعض الأمثلة:
1، أدعية من القرآن الكريم
- دعاء جامع لخيري الدنيا والآخرة: وهو من أكثر الأدعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم.
“رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” [البقرة: 201].
.
- دعاء يونس عليه السلام (دعاء الكرب):
“لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” [الأنبياء: 87].
.
2، أدعية من السنة النبوية الشريفة
- دعاء سؤال العافية:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِن’ِي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي” (حديث صحيح، رواه أبو داود).
.
- دعاء تفريج الهم وقضاء الدين:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ” (حديث صحيح، رواه البخاري).
.
صيغ وأدعية عامة نافعة
يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بما يفتح عليه من صيغ الدعاء التي تحمل معاني طيبة ولا تخالف الشرع، وإن كان الالتزام بالمأثور هو الأفضل والأكمل، وفيما يلي بعض الأمثلة على الأدعية العامة التي يتداولها الناس ويُرجى فيها الخير.
- اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَبُولَ بَيْنَ عِبَادِكَ، وَأَنْ تُسَخِّرَ لِي مَلَائِكَتَكَ وَكُلَّ مَنْ وَلَّيْتَهُ أَمْرِي، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي التَّوْفِيقَ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَاهْدِنِي لِاسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَ، وَأَلْهِمْنِي الِاسْتِعْدَادَ لِلِقَائِكَ، وَنَجِّنِي يَوْمَ الْعُبُورِ عَلَى الصِّرَاطِ، وَتَقَبَّلْ مِنِّي الدَّعَوَاتِ، وَبَلِّغْنِي مِنَ الْخَيْرِ فَوْقَ مَا أَتَمَنَّاهُ.
- رَبِّ، وَضَعْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ دَعَوَاتٍ اخْتَلَجَ بِهَا قَلْبِي وَأُمْنِيَاتٍ مَلَأَتْ رُوحِي، فَاسْتَجِبْ لِي بِرَحْمَتِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الْبُشْرَى الَّتِي تَمْسَحُ هَمِّي وَتَمْلَأُ قَلْبِي بِالسُّرُورِ.
- يَا إِلَهِي، عِلْمُكَ بِأَحْوَالِي يَسْبِقُ دُعَائِي، أَطَعْتُكَ بِفَضْلِكَ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَعَصَيْتُكَ بِعِلْمِكَ فَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ، اللَّهُمَّ امْلَأْ قَلْبِي بِخَشْيَتِكَ، وَاجْعَلْ تَقْوَاكَ تَحْجُزُنِي عَنْ مَعْصِيَتِكَ.
- اللَّهُمَّ إِنِّي فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، يَقِينًا بِحِكْمَتِكَ وَثِقَةً بِأَنَّ تَدْبِيرَكَ خَيْرٌ مِنْ تَدْبِيرِي، رَبِّ، وَجِّهْنِي لِمَا فِيهِ الْخَيْرُ لِي، وَاكْتُبْ لِي التَّوْفِيقَ فِي جَمِيعِ أُمُورِي، وَاخْتَرْ لِي وَلَا تُخَيِّرْنِي.
- اللَّهُمَّ اصْرِفْ عَنِّي كُلَّ سُوءٍ يُحِيطُ بِي، وَنَجِّنِي مِنْ مَكَائِدِ الدُّنْيَا وَأَعْبَائِهَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَاتِمَتِي فِي أَحْسَنِ حَالٍ، وَارْزُقْنِي الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا سَابِقَةِ عَذَابٍ.
تنبيه هام حول الأدعية المنتشرة
تنبيه هام: الصيغ المذكورة أعلاه هي من الأدعية العامة التي يجوز الدعاء بها ما لم تتضمن محظورًا شرعيًا، ومع ذلك، يجب التنبيه على أن الأصل في العبادة هو الاتباع، وأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، والأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة هي الأكمل والأكثر بركة، وهي كافية وشاملة لخيري الدنيا والآخرة.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي التَّيْسِيرَ فِي أُمُورِي وَالتَّوْفِيقَ فِي مَسَاعِيَّ، وَامْلَأْ قَلْبِي بِالسَّكِينَةِ وَالرَّاحَةِ، وَأَبْعِدْ عَنِّي مَتَاعِبَ الْحَيَاةِ وَضِيقَ الصَّدْرِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ كَانَ حَاجِزًا بَيْنَ رِزْقِي وَاسْتِجَابَةِ دُعَائِي.
- يَا رَبِّ، إِنْ كَانَتْ ذُنُوبِي سَبَبًا فِي تَعَطُّلِ أُمُورِي فَاغْفِرْهَا لِي، اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نَصِيبًا مِنَ الْخَيْرِ وَالتَّغْيِيرِ الْإِيجَابِيِّ فِي حَيَاتِي، وَحَقِّقْ لِي مَا أَتَمَنَّى وَلَا تَجْعَلْنِي بِحَاجَةٍ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ.
- اللَّهُمَّ اجْعَلْ دَرْبِي مُسْتَقِيمًا، وَاهْدِنِي إِلَى مَا يُرْضِيكَ، وَاكْتُبْ لِي الرِّضَا فِي أَقْوَالِي وَأَفْعَالِي، رَبِّ، اسْتَوْدَعْتُكَ مُسْتَقْبَلِي وَأَيَّامِي الْقَادِمَةَ، فَاكْتُبْ لِي فِيهَا الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي بِهِ.
- اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حَيَاةً مَلِيئَةً بِالنَّقَاءِ وَمِيتَةً هَادِئَةً، يَا رَبِّ، أَعْطِنِي بِقَدْرِ نِيَّاتِ الْخَيْرِ الَّتِي أَحْمِلُهَا، وَامْنَحْنِي فَوْقَ مَا أَتَمَنَّى، اللَّهُمَّ بَشِّرْنِي بِمَا يَسُرُّنِي وَأَبْعِدْ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي.
- اللَّهُمَّ سَدِّدْ خُطَايَ، وَامْنَحْنِي رَاحَةَ الْقَلْبِ وَطُمَأْنِينَةَ النَّفْسِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَضِيقِ الْحَالِ، وَمِنْ كُلِّ أَلَمٍ لَا يُشْكَى إِلَّا إِلَيْكَ.
المصادر والمراجع
- سورة البقرة، الآية 186.
- سورة البقرة، الآية 201.
- سورة الأنبياء، الآية 87.
- حديث نزول الرب تبارك وتعالى: صحيح البخاري (1145)، وصحيح مسلم (758)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- دعاء سؤال العافية: سنن أبي داود (5074)، وصححه الألباني، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
- دعاء تفريج الهم: صحيح البخاري (6369)، (يمكن مراجعته على موسوعة الدرر السنية).
أسئلة شائعة حول الدعاء
هل يجوز الدعاء بغير الصيغ المأثورة؟
نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، وبأي صيغة كانت، ما لم يكن في دعائه إثم أو قطيعة رحم، ولكن الدعاء بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي القرآن الكريم هو الأفضل والأكمل والأرجى للقبول.
ما هي أفضل أوقات إجابة الدعاء؟
هناك أوقات وأحوال عديدة يُرجى فيها إجابة الدعاء، منها: الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود أثناء الصلاة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، وفي يوم عرفة.
ما هو أعظم دعاء يمكن أن أدعو به؟
أعظم الأدعية وأجمعها للخير ما ورد في القرآن الكريم والسنة الصحيحة، ويُعد دعاء “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ” من أجمع الأدعية لخيري الدنيا والآخرة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر منه.
