الدعاء هو جوهر العبادة، والصلة المباشرة بين العبد وربه، وهو سلاح المؤمن الذي يستعين به على نوائب الدهر ويطلب به الحفظ والتحصين من كل سوء، في رحاب الدعاء يجد المسلم الطمأنينة والأمان، موقناً بأن الله تعالى هو الحافظ والمعين، وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة كنوز من الأدعية المباركة التي تحفظ الإنسان من شرور الإنس والجن، وتدفع عنه البلاء، وتجلب له الخير بفضل الله ورحمته، انطلاقاً من مبدأ التثبت والتحري، يهدف هذا المقال إلى تقديم باقة من الأدعية الصحيحة والموثوقة، مع بيان مصادرها الشرعية، والتنبيه على بعض الصيغ المنتشرة التي لم تثبت عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ليكون المسلم على بصيرة من أمره في عبادته.

أدعية صحيحة ثابتة للحفظ والتحصين من السنة النبوية

إن خير ما يدعو به المسلم هو ما ورد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أوتي جوامع الكلم، وفي أدعيته الخير والبركة والكفاية، إليك مجموعة من الأدعية الصحيحة التي يُستحب للمسلم المداومة عليها للتحصين والحماية.

1، دعاء لرفع الهم والحزن ودفع قهر الرجال

هذا الدعاء من الأدعية النبوية العظيمة التي تُذهب الهموم والغموم وتقضي الديون، ويُستحب قوله في الصباح والمساء.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ.

المصدر: رواه أبو داود، وصححه الألباني، يُقال في أذكار الصباح والمساء.

2، دعاء الحماية من كل شيء ضار

من حافظ على هذا الذكر صباحاً ومساءً، لم يضره شيء بإذن الله تعالى، وهو من أذكار التحصين اليومية الأساسية.

بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

المصدر: رواه الترمذي وأبو داود، وقال الترمذي: “حديث حسن صحيح”، يُقال ثلاث مرات في الصباح وثلاث مرات في المساء.

3، دعاء التحصين من شر ما خلق الله

هذا الدعاء حصن للمسلم من شرور المخلوقات، سواء كان في سفر أو حضر، ويُقال في الصباح والمساء وعند النزول في أي مكان.

أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ.

المصدر: رواه مسلم في صحيحه، يُقال ثلاث مرات في المساء، وعند النزول في أي منزل.

4، دعاء الكرب والشدائد

كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء عند الكرب، وهو من أعظم ما يُلجأ به إلى الله عند نزول المصائب والهموم.

لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.

المصدر: متفق عليه، رواه البخاري ومسلم.

التحصين بآيات القرآن الكريم

القرآن الكريم هو الشفاء والحماية، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى سور وآيات محددة لها فضل عظيم في الحفظ والتحصين.

1، فضل المعوذتين (الفلق والناس) وسورة الإخلاص

أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة هذه السور الثلاث في الصباح والمساء، وعند النوم، فهي تكفي الإنسان من كل شر، عن عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“قُلْ: هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ، حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ”.

المصدر: رواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي: “حديث حسن صحيح”.

2، فضل آخر آيتين من سورة البقرة

قراءة آخر آيتين من سورة البقرة في الليل تحفظ المسلم وتكفيه من كل سوء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ”.

المصدر: متفق عليه، رواه البخاري ومسلم، والآيتان هما:

“آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ‎﴿٢٨٥﴾‏ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ‎﴿٢٨٦﴾‏” [البقرة: 285-286]

أدعية عامة لحفظ الأهل والمال

يجوز للمسلم أن يدعو بأدعية عامة لم ترد بلفظها في السنة، ما دامت معانيها صحيحة ولا تخالف الشرع، ومن أمثلة ذلك الدعاء بصيغ تجمع بين خيري الدنيا والآخرة لحفظ الأهل والبيت والمال.

مثال لدعاء عام:

توضيح: هذه الصيغة وأمثالها هي من الأدعية العامة الحسنة، ومعناها صحيح، ولكنها لم ترد بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأكمل هو الالتزام بالأدعية المأثورة الثابتة.

صيغ منتشرة وحكمها الشرعي

تنتشر بين الناس بعض الأدعية والصيغ التي يُنسب إليها فضل عظيم، ولكنها تفتقر إلى دليل شرعي صحيح يثبتها، من واجب المسلم أن يتحرى ويتثبت قبل ترديد أي دعاء أو نشره.

دعاء “تَحصَّنتُ باللهِ” المنتشر

من الصيغ الشائعة على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الدعاء:

تنبيه هام وحكم الدعاء:

هذه الصيغة المذكورة لم تثبت بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ترد في كتب السنة المعتمدة، ورغم أن معانيها في مجملها قد تكون صحيحة، إلا أن تخصيصها بفضل معين أو المداومة عليها باعتبارها سنة هو أمر لا يجوز، الدعاء عبادة، والأصل فيها التوقيف والالتزام بما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، ففيهما الكفاية والبركة والخير العظيم، والبديل عنها هو الاكتفاء بالأدعية والأذكار الصحيحة المذكورة أعلاه.

المصادر والمراجع

أسئلة شائعة

ما هو أفضل وقت لأدعية التحصين؟

أفضل وقت لأدعية التحصين اليومية هو بعد صلاة الفجر (أذكار الصباح) وبعد صلاة العصر أو المغرب (أذكار المساء)، حيث وردت نصوص نبوية تحث على الذكر في هذين الوقتين المباركين.

هل يجوز لي أن أدعو بصيغة من عندي؟

نعم، يجوز للمسلم أن يدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة وبأي صيغة، بشرط ألا تحتوي على اعتداء في الدعاء أو إثم أو قطيعة رحم، ولكن، يبقى الدعاء بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الأفضل والأكمل والأكثر بركة.

ما هو البديل الصحيح لدعاء “تحصنت بالله” المنتشر؟

البدائل الصحيحة كثيرة ومباركة، وأفضلها أذكار الصباح والمساء الثابتة، مثل قول: “بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء…” ثلاث مرات، و”أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق” ثلاث مرات، وقراءة آية الكرسي والمعوذات.

عن احمد نصر

بقلم: أحمد نصر باحث ومحرر محتوى إسلامي متخصص في قسم الأدعية بموقع [أُوني]، يكرس جهوده لجمع وتدقيق الأدعية المأثورة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتقديمها للمسلمين في إطار موثوق وسهل الفهم، يسعى أحمد لتقديم محتوى ديني يعزز الصلة بالله ويستند إلى المصادر الشرعية الصحيحة.

جميع مقالات احمد نصر